| حول الرسول | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول السبت مارس 08, 2008 9:52 pm | |
| البعوث والسرايا بعد الرجوع من غزوة الفتح
وبعد الرجوع من هذا السفر الطويل الناجح أقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالمدينة يستقبل الوفود، ويبعث العمال، ويبث الدعاة، ويَكْبِتُ من بقي فيه الاستكبار عن الدخول في دين اللّه، والاستسلام للأمر الواقع الذي شاهدته العرب. وهاك صورة مصغرة من ذلك.
المصدقون
قد عرفنا مما تقدم أن رجوع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان في أواخر أيام السنة الثامنة، فما هو إلا أن استهل هلال المحرم من سنة 9 هـ، وبعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المُصَدِّقين إلى القبائل، وهذه هي قائمتهم:
1 ـ عُيَيْنَةُ بن حصن إلى بني تميم.
2 ـ يزيد بن الحُصَيْن إلى أسْلَم وغِفَار.
3 ـ عَبَّاد بن بشير الأشهلي إلى سُلَيْم ومُزَيْنَةَ.
4 ـ رافع بن مَكِيث إلى جُهَيْنَة.
5 ـ عمرو بن العاص إلى بني فَزَارَة.
6 ـ الضحاك بن سفيان إلى بني كلاب.
7 ـ بشير بن سفيان إلى بني كعب.
8 ـ ابن اللُّتِْبيَّة الأزدي إلى بني ذُبْيَان.
9 ـ المهاجر بن أبي أمية إلى صنعاء ـ وخرج عليه الأسود العنسي وهو بها.
10 ـ زياد بن لبيد إلى حضرموت.
11 ـ عدي بن حاتم إلى طيئ وبني أسد.
12 ـ مالك بن نُوَيْرَة إلى بني حَنْظَلَة.
13ـ الزِّبْرِقَان بن بدر إلى بني سعد ـ إلى قسم منهم.
14 ـ قيس بن عاصم إلى بني سعد ـ إلى قسم آخر منهم.
15 ـ العلاء بن الحضرمي إلى البحرين.
16 ـ علي بن أبي طالب إلى نجران ـ لجمع الصدقة والجزية كليهما.
وليس هؤلاء العمال كلهم بعثوا في المحرم سنة 9 هـ، بل تأخر بعث عدة منهم إلى اعتناق الإسلام من تلك القبائل التي بعثوا إليها. نعم كانت بداية بعث العمال بهذا الاهتمام البالغ في المحرم سنة 9 هـ، وهذا يدل على مدي نجاح الدعوة الإسلامية بعد صلح الحديبية، وأما بعد فتح مكة فقد دخل الناس في دين اللّه أفواجاً.
السرايا
وكما بعث المصدقون إلى القبائل، مَسَّتِ الحاجة إلى بعث عدة من السرايا مع سيادة الأمن على عامة مناطق الجزيرة، وهاك لوحة تلك السرايا:
1ـ سرية عيينة بن حصن الفزاري ـ في المحرم سنة 9 هـ ـ إلى بني تميم، في خمسين فارساً، لم يكن فيهم مهاجري ولا أنصاري، وسببها: أن بني تميم كانوا قد أغروا القبائل، ومنعوهم عن أداء الجزية.
وخرج عيينة بن حصن يسير الليل، ويكمن النهار، حتى هجم عليهم في الصحراء فولي القوم مدبرين، وأخذ منهم أحد عشر رجلاً وإحدي وعشرين امرأة وثلاثين صبياً، وساقهم إلى المدينة، فأنزلوا في دار رَمْلَة بنت الحارث.
وقدم فيهم عشرة من رؤسائهم، فجاءوا إلى باب النبي صلى الله عليه وسلم فنادوا: يا محمد، اخرج إلينا، فخرج، فتعلقوا به، وجعلوا يكلمونه، فوقف معهم، ثم مضي حتى صلي الظهر، ثم جلس في صحن المسجد، فأظهروا رغبتهم في المفاخرة والمباهاة، وقدموا خطيبهم عُطَارِد بن حاجب فتكلم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بن شَمَّاس ـ خطيب الإسلام ـ فأجابهم، ثم قدموا شاعرهم الزبرقان بن بدر، فأنشد مفاخراً، فأجابه شاعر الإسلام حسان بن ثابت على البديهة.
ولما فرغ الخطيبان والشاعران قال الأقرع بن حابس: خطيبه أخطب من خطيبنا، وشاعره أشعر من شاعرنا، وأصواتهم أعلى من أصواتنا، وأقوالهم أعلى من أقوالنا، ثم أسلموا، فأجازهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فأحسن جوائزهم، ورد عليهم نساءهم وأبناءهم.
2ـ سرية قُطْبَة بن عامر إلى حي من خَثْعَم بناحية تَبَالَة، بالقرب من تُرَبَة في صفر سنة 9 هـ. خرج قطبة في عشرين رجلاً على عشرة أبعرة يعتقبونها، فشن الغارة، فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعاً، وقتل قطبة مع من قتل، وساق المسلمون النَّعَم والنساء والشاء إلى المدينة.
3ـ سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كِلاَب في ربيع الأول سنة9هـ. بعثت هذه السرية إلى بني كلاب ؛ لدعوتهم إلى الإسلام، فأبوا وقاتلوا، فهزمهم المسلمون، وقتلوا منهم رجلاً.
4ـ سرية علقمة بن مُجَزِّرِ المُدْلِجي إلى سواحل جُدَّة في شهر ربيع الآخر سنة 9هـ في ثلاثمائة.بعثهم إلى رجال من الحبشة، كانوا قد اجتمعوا بالقرب من سواحل جدة للقيام بأعمال القَرْصَنَة ضد أهل مكة، فخاض علقمة البحر حتى انتهي إلى جزيرة، فلما سمعوا بمسير المسلمين إليهم هربوا.
5ـ سرية على بن أبي طالب إلى صنم لطيئ يقال له: الفُلْس ـ ليهدمه ـ في شهر ربيع الأول سنة 9 هـ. بعثه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في خمسين ومائة، على مائة بعير وخمسين فرساً، ومعه راية سوداء ولواء أبيض، فشنوا الغارة على محلة آل حاتم مع الفجر، فهدموه وملأوا أيديهم من السبي والنعم والشاء، وفي السبي أخت عدي بن حاتم، وهرب عدي إلى الشام، ووجد المسلمون في خزانة الفلس ثلاثة أسياف وثلاثة أدرع، وفي الطريق قسموا الغنائم، وعزلوا الصفي لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم. ولم يقسموا آل حاتم.
ولما جـاءوا إلى المدينة استعطفت أخـت عـدي بـن حاتم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قائلـة: يا رسول اللّه، غاب الوافد، وانقطع الوالد، وأنا عجوز كبيرة، ما بي من خدمة، فمُنَّ على، منّ اللّه عليك. قال: (من وافدك؟) قالت: عدي بن حاتم،. قال: (الذي فر من اللّه ورسوله؟) ثم مضي، فلما كان الغد قالت مثل ذلك، وقال لها مثل ما قال أمس. فلما كان بعد الغد قالت مثل ذلك، فمن عليها، وكان إلى جنبه رجل ـ تري أنه على ـ فقال لها: سليه الحِمْلان فسألته فأمر لها به.
ورجعت أخت عدي بن حاتم إلى أخيها عدي بالشام، فلما لقيته قالت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها، ائته راغباً أو راهباً، فجاءه عدي بغيرأمان ولا كتاب. فأتي به إلى داره، فلما جلس بين يديه حمد اللّه وأثني عليه، ثم قال: ما يُفِرُّكَ؟ أيُفِرُّك أن تقول: (لا إله إلا اللّه؟ فهل تعلم من إله سوى اللّه؟) قال: لا. ثم تكلم ساعة ثم قال: (إنما تفر أن يقال: اللّه أكبر، فهل تعلم شيئاً أكبر من الله؟) قال: لا. قال: (فإن اليهود مغضوب عليهم، وإن النصاري ضالون). قال: فإني حَنِيف مسلم، فانبسط وجهه فرحاً، وأمر به فنزل عند رجل من الأنصار، وجعل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم طرفي النهار.
وفي رواية ابن إسحاق عن عدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أجلسه بين يديه في داره قال له: (إيه يا عدي بن حاتم، ألم تكن رَكُوسِيّا؟) قال: قلت: بلي، قال: (أو لم تكن تسير في قومك بالمِرْبَاع؟).قال: قلت: بلي. قال: (فإن ذلك لم يحل لك في دينك). قال: قلت أجل واللّه. قال: وعرفت أنه نبي مرسل، يعرف ما يُجْهَل.
وفي رواية لأحمد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا عدي، أسلم تسلم). فقلت: إني من أهل دين. قال: (أنا أعلم بدينك منك). فقلت: أنت أعلم بديني مني؟ قال: (نعم، ألست من الركوسية، وأنت تأكل مرباع قومك؟) فقلت: بلي، قال: (فإن هذا لا يحل لك في دينك). قال: فلم يعد أن قالها فتواضعت لها.
وروي البخاري عن عدي قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: (يا عدي، هل رأيت الحيرة؟ فإن طالت بك حياة فلترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحداً إلا اللّه، ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسري، ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة، ويطلب من يقبله فلا يجد أحداً يقبله منه...) الحديث وفي آخره: قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا اللّه. وكنت فيمن افتتح كنوز كسري بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: (يخرج ملء كفه). | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول السبت مارس 08, 2008 10:05 pm | |
| غـــزوة تبـــوك في رجب سنة 9هـ
إن غزوة فتح مكة كانت غزوة فاصلة بين الحق والباطل، لم يبق بعدها مجال للريبة والظن في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عند العرب، ولذلك انقلب المجري تماماً، ودخل الناس في دين اللّه أفواجاً ـ كما سيظهر ذلك مما نقدمه في فصل الوفود، ومن العدد الذي حضر في حجة الوداع ـ وانتهت المتاعب الداخلية، واستراح المسلمون لتعليم شرائع اللهّّ، وبث دعوة الإسلام.
سبب الغزوة
إلا أنه كانت هناك قوة تعرضت للمسلمين من غير مبرر، وهي قوة الرومان ـ أكبر قوة عسكرية ظهرت على وجه الأرض في ذلك الزمان ـ وقد عرفنا فيما تقدم أن بداية هذا التعرض كانت بقتل سفير رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ـ الحارث بن عمير الأزدي ـ على يدي شُرَحْبِيل بن عمرو الغساني، حينما كان السفير يحمل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عظيم بُصْرَي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل بعد ذلك سرية زيد بن حارثة التي اصطدمت بالرومان اصطداماً عنيفاً في مؤتة، ولم تنجح في أخذ الثأر من أولئك الظالمين المتغطرسين، إلا أنها تركت أروع أثر في نفوس العرب، قريبهم وبعيدهم.
ولم يكن قيصر ليصرف نظره عما كان لمعركة مؤتة من الأثر الكبير لصالح المسلمين، وعما كان يطمح إليه بعد ذلك كثير من قبائل العرب من استقلالهم عن قيصر، ومواطأتهم للمسلمين، إن هذا كان خطراً يتقدم ويخطو إلى حدوده خطوة بعد خطوة، ويهدد الثغور الشامية التي تجاور العرب، فكان يري أن القضاء يجب على قوة المسلمين قبل أن تتجسد في صورة خطر عظيم لا يمكن القضاء عليها، وقبل أن تثير القلاقل والثورات في المناطق العربية المجاورة للرومان.
ونظراً إلى هذه المصالح، لم يقض قيصر بعد معركة مؤتة سنة كاملة حتى أخذ يهيئ الجيش مـن الرومـان والعرب التابعة لهم من آل غسان وغيرهم، وبدأ يجهز لمعركة دامية فاصلة.
الأخبار العامة عن استعداد الرومان وغَسَّان
وكانت الأنباء تترامي إلى المدينة بإعداد الرومان ؛ للقيام بغزوة حاسمة ضد المسلمين، حتى كان الخوف يتسورهم كل حين، لا يسمعون صوتاً غير معتاد إلا ويظنونه زحف الرومان.ويظهر ذلك جلياً مما وقع لعمر بن الخطاب، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إلى من نسائه شهراً في هذه السنة ـ 9هـ ـ وكان هجرهن واعتزل عنهن في مشربة له ، ولم يفطن الصحابة إلى حقيقة الأمر في بدايته، فظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم طلقهن، فسري فيهم الهم والحزن والقلق. يقول عمر بن الخطاب ـ وهو يروي هذه القصة: وكان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت آتية أنا بالخبر ـ وكانا يسكنان في عوالى المدينة، يتناوبان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ـ ونحن نتخوف ملكاً من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فإذا صاحبي الأنصاري يدق الباب، فقال: افتح، افتح، فقلت: جاء الغساني؟ فقال: بل أشد من ذلك، اعتزل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أزواجه... الحديث.
وفي لفظ آخر ـ أنه قال ـ: وكنا تحدثنا أن آل غسان تنعل النعال لغزونا، فنزل صاحبي يوم نَوْبَتِهِ، فرجع عشاء، فضرب بابي ضرباً شديداً وقال: أنائم هو؟ ففزعت، فخرجت إليه، وقال: حدث أمر عظيم. فقلت: ما هو؟ أجاءت غسان؟ قال: لا بل أعظم منه وأطول، طلق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نساءه... الحديث.
وهذا يدل على خطورة الموقف، الذي كان يواجهه المسلمون بالنسبة إلى الرومان، ويزيد ذلك تأكداً ما فعله المنافقون حينما نقلت إلى المدينة أخبار إعداد الرومان، فبرغم ما رآه هؤلاء المنافقون من نجاح رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في كل الميادين، وأنه لا يوجل من سلطان على ظهر الأرض، بل يذيب كل ما يعترض في طريقه من عوائق ـ برغم هذا كله ـ طفق هؤلاء المنافقون يأملون في تحقق ما كانوا يخفونه في صدورهم، وما كانوا يتربصونه من الشر بالإسلام وأهله. ونظراً إلى قرب تحقق آمالهم أنشأوا وكرة للدس والتآمر، في صورة مسجد، وهو مسجد الضِّرَار، أسسوه كفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب اللّه ورسوله، وعرضوا على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه، وإنما مرامهم بذلك أن يخدعوا المؤمنين فلا يفطنوا ما يؤتي به في هذا المسجد من الدس والمؤامرة ضدهم، ولا يلتفتوا إلى من يرده ويصدر عنه، فيصير وكرة مأمونة لهؤلاء المنافقين ولرفقائهم في الخارج، ولكن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أخر الصلاة فيه ـ إلى قفوله من الغزوة ـ لشغله بالجهاز، ففشلوا في مرامهم وفضحهم اللّه، حتى قام الرسول صلى الله عليه وسلم بهدم المسجد بعد القفول من الغزو، بدل أن يصلي فيه.
الأخبار الخاصة عن استعداد الرومان وغسان
كانت هذه هي الأحوال والأخبار التي يواجهها ويتلقاها المسلمون، إذ بلغهم من الأنباط الذين قدموا بالزيت من الشام إلى المدينة أن هرقل قد هيأ جيشاً عرمرما قوامه أربعون ألف مقاتل، وأعطي قيادته لعظيم من عظماء الروم، وأنه أجلب معهم قبائل لَخْمٍ وجُذَامٍ وغيرهما من متنصرة العرب، وأن مقدمتهم بلغت إلى البلقاء، وبذلك تمثل أمام المسلمين خطر كبير.
زيادة خطورة الموقف
والذي كان يزيد خطورة الموقف أن الزمان كان فصل القيظ الشديد، وكان الناس في عسرة وجدب من البلاء وقلة من الظهر، وكانت الثمار قد طابت، فكانوا يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم، ويكرهون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم فيه، ومع هذا كله كانت المسافة بعيدة، والطريق وعرة صعبة.
الرسول صلى الله عليه وسلم يقرر القيام بإقدام حاسم
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينظر إلى الظروف والتطورات بنظر أدق وأحكم من هذا كله، إنه كان يري أنه لو تواني وتكاسل عن غزو الرومان في هذه الظروف الحاسمة، وترك الرومان لتجوس خلال المناطق التي كانت تحت سيطرة الإسلام ونفوذه، وتزحف إلى المدينة كان له أسوأ أثر على الدعوة الإسلامية وعلى سمعة المسلمين العسكرية، فالجاهلية التي تلفظ نفسها الأخير بعد ما لقيت من الضربة القاصمة في حنين ستحيا مرة أخري، والمنافقون الذين يتربصون الدوائر بالمسلمين، ويتصلون بملك الرومان بواسطة أبي عامر الفاسق سيبعجون بطون المسلمين بخناجرهم من الخلف، في حين تهجم الرومان بحملة ضارية ضد المسلمين من الأمام، وهكذا يخفق كثير من الجهود التي بذلها هو أصحابه في نشر الإسلام، وتذهب المكاسب التي حصلوا عليها بعد حروب دامية ودوريات عسكرية متتابعة متواصلة... تذهب هذه المكاسب بغير جدوي.
كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعرف كل ذلك جيداً، ولذلك قرر القيام ـ مع ما كان فيه من العسرة والشدة ـ بغزوة فاصلة يخوضها المسلمون ضد الرومان في حدودهم، ولا يمهلونهم حتى يزحفوا إلى دار الإسلام.
الإعلان بالتهيؤ لقتال الرومان
ولما قرر الرسول صلى الله عليه وسلم الموقف أعلن في الصحابة أن يتجهزوا للقتال، وبعث إلى القبائل من العرب وإلى أهل مكة يستنفرهم. وكان قل ما يريد غزوة يغزوها إلا وَرَّي بغيرها، ولكنه نظراً إلى خطورة الموقف وإلى شدة العسرة أعلن أنه يريد لقاء الرومان، وجلي للناس أمرهم ؛ ليتأهبوا أهبة كاملة، وحضهم على الجهاد، ونزلت قطعة من سورة براءة تثيرهم على الجلاد، وتحثهم على القتال، ورغبهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في بذل الصدقات، وإنفاق كرائم الأموال في سبيل اللّه.
المسلمون يتسابقون إلى التجهز للغزو
ولم يكن من المسلمين أن سمعوا صوت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يدعو إلى قتال الروم إلا وتسابقوا إلى امتثاله، فقاموا يتجهزون للقتال بسرعة بالغة، وأخذت القبائل والبطون تهبط إلى المدينة من كل صوب وناحية، ولم يرض أحد من المسلمين أن يتخلف عن هذه الغزوة ـ إلا الذين في قلوبهم مرض وإلا ثلاثة نفر ـ حتى كان يجيء أهل الحاجة والفاقة يستحملون رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ؛ ليخرجوا إلى قتال الروم، فإذا قال لهم: ((لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ)) [التوبة:92].
كما تسابق المسلمون في إنفاق الأموال وبذل الصدقات، كان عثمان بن عفان قد جهز عيراً للشام، مائتا بعير بأقتابها وأحلاسها، ومائتا أوقية، فتصدق بها، ثم تصدق بمائة بعير بأحلاسها وأقتابها، ثم جاء بألف دينار فنثرها في حجره صلى الله عليه وسلم، فكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقلبها ويقول: (ما ضَرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم) ، ثم تصدق وتصدق حتى بلغ مقدار صدقته تسعمائة بعير ومائة فرس سوى النقود.
وجاء عبد الرحمن بن عوف بمائتي أوقية فضة، وجاء أبو بكر بماله كلّه ولم يترك لأهله إلا اللّه ورسوله ـ وكانت أربعة آلاف درهم ـ وهو أول من جاء بصدقته. وجاء عمر بنصف ماله، وجاء العباس بمال كثير، وجاء طلحة وسعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة، كلهم جاءوا بمال. وجاء عاصم بن عدي بتسعين وَسْقًا من التمر، وتتابع الناس بصدقاتهم قليلها وكثيرها، حتى كان منهم من أنفق مُدّا أو مدين لم يكن يستطيع غيرها. وبعثت النساء ما قدرن عليه من مَسَك ومعاضد وخلاخل وقُرْط وخواتم.
ولم يمسك أحد يده، ولم يبخل بماله إلا المنافقون قال تعالى: ((الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ)) [التوبة: 79].
| |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول السبت مارس 08, 2008 10:05 pm | |
| الجيش الإسلامي إلى تبوك
وهكذا تجهز الجيش، فاستعمل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري، وقيل: سِبَاع بن عُرْفُطَةَ، وخلف على أهله على بن أبي طالب، وأمره بالإقامة فيهم، وغَمَصَ عليه المنافقون، فخرج فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، فرده إلى المدينة وقال: (ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي، إلا أنه لا نبي بعدي).
وتحرك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم الخميس نحو الشمال يريد تبوك، ولكن الجيش كان كبيراً ـ ثلاثون ألف مقاتل، لم يخرج المسلمون في مثل هذا الجمع الكبير قبله قط ـ فلم يستطع المسلمون مع ما بذلوه من الأموال أن يجهزوه تجهيزاً كاملاً، بل كانت في الجيش قلة شديدة بالنسبة إلى الزاد والمراكب، فكان ثمانية عشر رجلاً يعتقبون بعيراً واحداً، وربما أكلوا أوراق الأشجار حتى تورمت شفاههم، واضطروا إلى ذبح البعير ـ مع قلتها ـ ليشربوا ما في كرشه من الماء، ولذلك سمي هذا الجيش جيش العُسْرَةِ.
ومر الجيش الإسلامي في طريقه إلى تبوك بالحِجْر ـ ديار ثمود الذين جابوا الصخر بالواد، أي وادي القُرَى ـ فاستقي الناس من بئرها، فلما راحوا قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (لا تشربوا من مائها ولا تتوضأوا منه للصلاة، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئاً)، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها ناقة صالح رسول الله.
وفي الصحيحين عن ابن عمر قال: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين)، ثم قَنعَ رأسه وأسرع بالسير حتى جاز الوادي.
واشتدت في الطريق حاجة الجيش إلى الماء حتى شكوا إلى رسول اللّه، فدعا اللّه، فأرسل اللّه سحابة فأمطرت حتى ارتوي الناس، واحتملوا حاجاتهم من الماء.
ولما قرب من تبوك قال: (إنكم ستأتون غداً إن شاء اللّه تعالى عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يَضْحَي النهار، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئاً حتى آتي)، قال معاذ: فجئنا وقد سبق إليها رجلان، والعين تَبِضُّ بشيء من مائها، فسألهما رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (هل مسستما من مائها شيئاً؟) قالا: نعم. وقال لهما ما شاء اللّه أن يقول. ثم غرف من العين قليلاً قليلاً حتى اجتمع الْوَشَلُ ، ثم غسل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيه وجهه ويده، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير، فاستقي الناس، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوشك يا معاذ، إن طالت بك حياة أن تري ماهاهنا قد ملئ جناناً).
وفي الطريق أو لما بلغ تبوك ـ على اختلاف الروايات ـ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (تهب عليكم الليلة ريح شديدة، فلا يقم أحد منكم، فمن كان له بعير فليشد عِقَالَه)، فهبت ريح شديدة، فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيئ.
وكان دأب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في الطريق أنه كان يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع التقديم وجمع التأخيركليهما.
الجيش الإسلامي بتبوك
نزل الجيش الإسلامي بتبوك، فعسكر هناك، وهو مستعد للقاء العدو، وقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيهم خطيباً، فخطب خطبة بليغة، أتي بجوامع الكلم، وحض على خير الدنيا والآخرة، وحذر وأنذر، وبشر وأبشر، حتى رفع معنوياتهم، وجبر بها ما كان فيهم من النقص والخلل من حيث قلة الزاد والمادة والمؤنة. وأما الرومان وحلفاؤهم فلما سمعوا بزحف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أخذهم الرعب، فلم يجترئوا على التقدم واللقاء، بل تفرقوا في البلاد في داخل حدودهم، فكان لذلك أحسن أثر بالنسبة إلى سمعة المسلمين العسكرية، في داخل الجزيرة وأرجائها النائية، وحصل بذلك المسلمون على مكاسب سياسية كبيرة خطيرة، لعلهم لم يكونوا يحصلون عليها لو وقع هناك اصطدام بين الجيشين.
جاء يُحَنَّةُ بن رُؤْبَةَ صاحب أيْلَةَ، فصالح الرسول صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جَرْبَاء وأهل أذْرُح، فأعطوه الجزية، وكتب لهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كتاباً فهو عندهم، وصالحه أهل مِينَاء على ربع ثمارها، وكتب لصاحب أيلة: (بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذه أمنة من اللّه ومحمد النبي رسول اللّه ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة، سفنهم وسياراتهم في البر والبحر لهم ذمة اللّه وذمة محمد النبي، ومن كان معه من أهل الشام وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثاً، فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وإنه طيب لمن أخذه من الناس، وأنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه، ولا طريقاً يريدونه من بر أو بحر).
وبعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أُكَيْدِرِ دُومَة الجَنْدَل في أربعمائة وعشرين فارساً، وقال له: (إنك ستجده يصيد البقر)، فأتاه خالد، فلما كان من حصنه بمنظر العين، خرجت بقرة، تحك بقرونها باب القصر، فخرج أكيدر لصيدها ـ وكانت ليلة مقمرة ـ فتلقاه خالد في خيله، فأخذه وجاء به إلى رسول اللّهصلى الله عليه وسلم، فحقن دمه، وصالحه على ألفي بعير، وثمانمائة رأس وأربعمائة درع، وأربعمائة رمح، وأقر بإعطاء الجزية، فقاضاه مع يُحَنَّة على قضية دُومَة وتبوك وأيْلَةَ وَتَيْماء.
وأيقنت القبائل التي كانت تعمل لحساب الرومان أن اعتمادها على سادتها الأقدمين قد فات أوانه، فانقلبت لصالح المسلمين، وهكذا توسعت حدود الدولة الإسلامية، حتى لاقت حدود الرومان مباشرة، وشهد عملاء الرومان نهايتهم إلى حد كبير.
الرجوع إلى المدينة
ورجع الجيش الإسلامي من تبوك مظفرين منصورين، لم ينالوا كيداً، وكفي الله المؤمنين القتال، وفي الطريق عند عقبة حاول اثنا عشر رجلاً من المنافقين الفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه حينما كان يمر بتلك العقبة كان معه عمار يقود بزمام ناقته، وحذيفة ابن اليمان يسوقها، وأخذ الناس ببطن الوادي، فانتهز أولئك المنافقون هذه الفرصة. فبينما رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وصاحباه يسيران إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم، قد غشوه وهم ملتثمون، فبعث حذيفة فضرب وجوه رواحلهم بمِحْجَن كان معه ، فأرعبهم اللّه، فأسرعوا في الفرار حتى لحقوا بالقوم، وأخبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بأسمائهم، وبما هموا به، فلذلك كان حذيفة يسمي بصاحب سـر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول اللّه تعالي: (( وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُوا)) [التوبة:74].
ولما لاحت للنبي صلى الله عليه وسلم معالم المدينة من بعيد قال: (هذه طَابَةُ، وهذا أحُدٌ، جبل يحبنا ونحبه)، وتسامع الناس بمقدمه، فخرج النساء والصبيان والولائد يقابلن الجيش بحفاوة بالغة ويقلن:
طلع البـدر علينا ** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ** ما دعا للع داع
وكانت عودته صلى الله عليه وسلم من تبوك ودخوله في المدينة في رجب سنة 9هـ ، واستغرقت هذه الغزوة خمسين يوماً، أقام منها عشرين يوماً في تبوك، والبواقي قضاها في الطريق جيئة وذهوبًا. وكانت هذه الغزوة آخر غزواته صلى الله عليه وسلم.
المُخَلَّفون
وكانت هذه الغزوة ـ لظروفها الخاصة بها ـ اختباراً شديداً من اللّه، امتاز به المؤمنون من غيرهم، كما هي سنته تعالى في مثل هذه المواطن، حيث يقول: ((مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ))[ آل عمران:179]. فقد خرج لهذه الغزوة كل من كان مؤمناً صادقاً، حتى صار التخلف أمارة على نفاق الرجل، فكان الرجل إذا تخلف وذكروه لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال لهم: (دعوه، فإن يكن فيه خير فسيلحقه اللّه بكم، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم منه)، فلم يتخلف إلا من حبسهم العذر، أو الذين كذبوا اللّه ورسوله من المنافقين، الذين قعدوا بعد أن استأذنوا للقعود كذباً، أو قعدوا ولم يستأذنوا رأسا. نعم كان هناك ثلاثة نفر من المؤمنين الصادقين تخلفوا من غير مبرر، وهم الذين أبلاهم اللّه، ثم تاب عليهم.
ولما دخل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المدينة بدأ بالمسجد، فصلي فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فأما المنافقون ـ وهم بضعة وثمانون رجلاً ـ فجاءوا يعتذرون بأنواع شتي من الأعذار، وطفقوا يحلفون له، فقبل منهم علانيتهم، وبايعهم، واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى اللّه.
وأما النفر الثلاثة من المؤمنين الصادقين ـ وهم كعب بن مالك، ومُرَارَة بن الربيع، وهلال بن أمية ـ فاختاروا الصدق، فأمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الصحابة ألا يكلموا هؤلاء الثلاثة، وجرت ضد هؤلاء الثلاثة مقاطعة شديدة، وتغير لهم الناس، حتى تنكرت لهم الأرض، وضاقت عليهم بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وبلغت بهم الشدة إلى أنهم بعد أن قضوا أربعين ليلة من بداية المقاطعة أمروا أن يعتزلوا نساءهم، حتى تمت على مقاطعتهم خمسون ليلة، ثم أنزل اللّه توبتهم: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة:118].
وفرح المسلمون، وفرح الثلاثة فرحاً لا يقاس مداه وغايته، فبشروا وأبشروا واستبشروا وأجازوا وتصدقوا، وكان أسعد يوم من أيام حياتهم.
وأما الذين حبسهم العذر فقد قال تعالى فيهم: ((لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ)) [التوبة: 91]. وقال فيهم رسول اللّه حين دنا من المدينة: (إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مَسِيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، حبسهم العُذْرُ)، قـالوا: يا رسول اللّه، وهــم بالمدينة؟ قال: (وهم بالمدينة).
أثر الغزوة
وكان لهذه الغزوة أعظم أثر في بسط نفوذ المسلمين وتقويته على جزيرة العرب، فقد تبين للناس أنه ليس لأي قوة من القوات أن تعيش في العرب سوي قوة الإسلام، وبطلت بقايا أمل وأمنية كانت تتحرك في قلوب بقايا الجاهليين والمنافقين الذين كانوا يتربصون الدوائر بالمسلمين، وكانوا قد عقدوا آمالهم بالرومان، فقد استكانوا بعد هذه الغزوة، واستسلموا للأمر الواقع، الذي لم يجدوا عنه محيداً ولا مناصاً.
ولذلك لم يبق للمنافقين أن يعاملهم المسلمون بالرفق واللين، وقد أمر اللّه بالتشديد عليهم، حتى نهي عن قبول صدقاتهم، وعن الصلاة عليهم، والاستغفار لهم والقيام على قبرهم، وأمر بهدم وكرة دسهم وتآمرهم التي بنوها باسم المسجد، وأنزل فيهم آيات افتضحوا بها افتضاحاً تاماً، لم يبق في معرفتهم بعدها أي خفاء، كأن الآيات قد نصت على أسمائهم لمن يسكن بالمدينة.
ويعرف مدي أثر هذه الغزوة من أن العرب وإن كانت قد أخذت في التوافد إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعد غزوة فتح مكة، بل وما قبلها، إلا أن تتابع الوفود وتكاثرها بلغ إلى القمة بعد هذه الغزوة.
نزول القرآن حول موضوع الغزوة
نزلت آيات كثيرة من سورة براءة حول موضوع الغزوة، نزل بعضها قبل الخروج، وبعضها بعد الخروج ـ وهو في السفر ـ وبعض آخر منها بعد الرجوع إلى المدينة، وقد اشتملت على ذكر ظروف الغزوة، وفضح المنافقين، وفضل المجاهدين والمخلصين، وقبول التوبة من المؤمنين الصادقين، الخارجين منهم في الغزوة والمتخلفين، إلى غير ذلك من الأمور.
بعض الوقائع المهمة في هذه السنة
وفي هذه السنة وقعت عدة وقائع لها أهمية في التاريخ:
1 ـ بعد قدوم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من تبوك وقع اللعان بين عُوَيْمِر العَجْلاني وامرأته.
2 ـ رجمت المرأة الغامدية، التي جاءت فاعترفت على نفسها بالفاحشة، رجمت بعدما فطمت ابنها.
3 ـ توفي النجاشي أصْحَمَة، ملك الحبشة، في رجب، وصلي عليه رسول الله صلاة الغائب في المدينة.
4 ـ توفيت أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان، فحزن عليها حزناً شديداً، وقال لعثمان: (لو كانت عندي ثالثة لزوجتكها).
5 ـ مات رأس المنافقين عبد اللّه بن أبي بن سَلُول بعد مرجع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من تبوك، فاستغفر له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وصلي عليه بعد أن حاول عمر منعه عن الصلاة عليه، وقد نزل القرآن بعد ذلك بموافقة عمر. آخر البعوث
كانت كبرياء دولة الرم قد جعلتها تأبي حق الحياة على من آمن بالله ورسوله، وحملها على أن تقتل من أتباعها من يدخل في الإسلام، كما فعلت بفَرْوَة بن عمرو الجُذَامِي، الذي كان والياً على مَعَان من قبل الروم.
ونظراً إلى هذه الجراءة والغطرسة، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهز جيشاً كبيراً في صفر سنة 11هـ، وأمر عليه أسامة بن زيد بن حارثة، وأمره أن يوطئ الخيل تُخُوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، يبغي بذلك إرهاب الروم وإعادة الثقة إلى قلوب العرب الضاربين على الحدود، حتى لا يحسبن أحد أن بطش الكنيسة لا معقب له، وأن الدخول في الإسلام يجر على أصحابه الحتوف فحسب.
وتكلم الناس في قائد الجيش لحداثة سنه، واستبطأوا في بعثه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن تطعنوا في إمارته، فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله، إن كان لخليقاً للإمارة، وإن كان من أحب الناس إلى، و إن هذا من أحب الناس إلى بعده).
وانتدب الناس يلتفون حول أسامة، وينتظمون في جيشة، حتى خرجوا ونزلوا الجُرْف، على فَرْسَخ من المدينة، إلا أن الأخبار المقلقة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ألزمتهم التريث، حتى يعرفوا ما يقضي الله به، وقد قضي الله أن يكون هذا أول بعث ينفذ في خلافة أبي بكر الصديق. | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول السبت مارس 08, 2008 10:09 pm | |
| معركة مؤتة
وهذه المعركة أكبر لقاء مُثْخِن، وأعظم حرب دامية خاضها المسلمون في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مقدمة وتمهيد لفتوح بلدان النصاري، وقعت في جمادي الأولي سنة 8 هـ، وفق أغسطس أو سبتمبر سنة 926 م.
ومؤتة (بالضم فالسكون) هي قرية بأدني بلقاء الشام، بينها وبين بيت المقدس مرحلتان.
سبب المعركة
وسبب هذه المعركة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عمير الأزدي بكتابه إلى عظيم بُصْرَي. فعرض له شُرَحْبِيل بن عمرو الغساني ـ وكان عاملاً على البلقاء من أرض الشام من قبل قيصر ـ فأوثقه رباطاً، ثم قدمه، فضرب عنقه.
وكان قتل السفراء والرسل من أشنع الجرائم، يساوي بل يزيد على إعلان حالة الحرب، فاشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نقلت إليه الأخبار، فجهز إليهم جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل ، وهو أكبر جيش إسلامي لم يجتمع قبل ذلك إلا في غزوة الأحزاب.
أمراء الجيش ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا البعث زيد بن حارثة، وقال: (إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة) ، وعقد لهم لواء أبيض، ودفعه إلى زيد بن حارثة.
وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير، وأن يدعوا مَنْ هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا استعانوا بالله عليهم، وقاتلوهم، وقال لهم: (اغزوا بسم الله، في سبيل الله، مَنْ كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة، ولا كبيراً فانياً، ولا منعزلاً بصومعة، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة، ولا تهدموا بناء).
توديع الجيش الإسلامي وبكاء عبد الله بن رواحة
ولما تهيأ الجيش الإسلامي للخروج حضر الناس، وودعوا أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلموا عليهم، وحينئذ بكي أحد أمراء الجيش ـ عبد الله بن رواحة ـ فقالوا: ما يبكيك؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا، ولا صبابة بكم، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار:((وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا)) [مريم:71]، فلست أدري كيف لي بالصدور بعد الورود؟ فقال المسلمون: صحبكم الله بالسلامة، ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين غانمين، فقال عبد الله بن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغفــرة ** وضربة ذات فرع تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجـهزة ** بحربة تنفذ الأحشـاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي ** أرشده الله من غاز وقد رشدا
ثم خرج القوم، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيعاً لهم حتى بلغ ثنية الوداع، فوقف وودّعهم.
تحرك الجيش الإسلامي، ومباغتته حالة رهيبة
وتحرك الجيش الإسلامي في اتجاه الشمال حتى نزل مَعَان، من أرض الشام، مما يلي الحجاز الشمإلى، وحينئذ نقلت إليهم الاستخبارات بأن هرقل نازل بمآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وانضم إليهم من لَخْم وجُذَام وبَلْقَيْن وبَهْرَاء وبَلِي مائة ألف.
المجلس الاستشاري بمَعَان
لم يكن المسلمون أدخلوا في حسابهم لقاء مثل هذا الجيش العرمرم ـ الذي بوغتوا به في هذه الأرض البعيدة ـ وهل يهجم جيش صغير، قوامه ثلاثة آلاف مقاتل فحسب، على جيش كبير عرمرم مثل البحر الخضم، قوامه مائتا ألف مقاتل؟ حار المسلمون، وأقاموا في مَعَان ليلتين يفكرون في أمرهم، وينظرون ويتشاورون، ثم قالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنخبره بعدد عدونا، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له.
ولكن عبد الله بن رواحة عارض هذا الرأي، وشجع الناس، قائلاً: يا قوم، والله إن التي تكرهون لَلَّتِي خرجتم تطلبون: الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا، فإنما هي إحدي الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة. وأخيراً استقر الرأي على ما دعا إليه عبد الله بن رواحة.
الجيش الإسلامي يتحرك نحو العدو
وحينئذ بعد أن قضي الجيش الإسلامي ليلتين في معان، تحركوا إلى أرض العدو، حتى لقيتهم جموع هرقل بقرية من قرى البلقاء يقال لها: [َشَارِف] ثم دنا العدو، وانحاز المسلمون إلى مؤتة، فعسكروا هناك، وتعبأوا للقتال، فجعلوا على ميمنتهم قُطْبَة بن قتادة العُذْرِي، وعلى الميسرة عبادة بن مالك الأنصاري.
بداية القتال، وتناوب القواد
وهناك في مؤتة التقي الفريقان، وبدأ القتال المرير، ثلاثة آلاف رجل يواجهون هجمات مائتي ألف مقاتل. معركة عجيبة تشاهدها الدنيا بالدهشة والحيرة، ولكن إذا هبت ريح الإيمان جاءت بالعجائب.
أخذ الراية زيد بن حارثة ـ حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وجعل يقاتل بضراوة بالغة، وبسالة لا يوجد لها نظير إلا في أمثاله من أبطال الإسلام، فلم يزل يقاتل ويقاتل حتى شاط في رماح القوم، وخر صريعاً.
وحينئذ أخذ الراية جعفر بن أبي طالب، وطفق يقاتل قتالاً منقطع النظير، حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه الشقراء فعقرها، ثم قاتل حتى قطعت يمينه، فأخذ الراية بشماله، ولم يزل بها حتى قطعت شماله، فاحتضنها بعضديه، فلم يزل رافعاً إياها حتى قتل. يقال: إن رومياً ضربه ضربةً قطعته نصفين، وأثابه الله بجناحيه جناحين في الجنة، يطير بهما حيث يشاء ؛ ولذلك سمي بجعفر الطيار، وبجعفر ذي الجناحين.
روى البخاري عن نافع؛ أن ابن عمر أخبره: أنه وقف على جعفر يؤمئذ وهو قتيل، فعددت به خمسين بين طعنة وضربة، ليس منها شيء في دبره، يعني ظهره.
وفي رواية أخري قال ابن عمر: كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلي، ووجدنا ما في جسده بضعاً وتسعين من طعنة ورمية. وفي رواية العمري عن نافع زيادة: [فوجدنا ذلك فيما أقبل من جسده].
ولما قتل جعفر بعد أن قاتل بمثل هذه الضراوة والبسالة، أخذ الراية عبد الله بن رواحة، وتقدم بها، وهو على فرسه، فجعل يستنزل نفسه، ويتردد بعض التردد، حتى حاد حيدة ثم قال:
ثم نزل، فأتاه ابن عم له بعَرْق من لحم فقال: شد بهذا صلبك، فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت، فأخذه من يده فانتهس منه نَهْسَة، ثم ألقاه من يده، ثم أخذ سيفه فتقدم، فقاتل حتى قتل.
الراية إلى سيف من سيوف الله
وحينئذ تقدم رجل من بني عَجْلان ـ اسمه ثابت بن أقرم ـ فأخذ الراية وقال: يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت. قال: ما أنا بفاعل، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، فلما أخذ الراية قاتل قتالاً مريراً، فقد روي البخاري عن خالد بن الوليد قال: لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية. وفي لفظ آخر: لقد دق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، وصبرت في يدي صفيحة لي يمانية.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مؤتة ـ مخبراً بالوحي، قبل أن يأتي إلى الناس الخبر من ساحة القتال: (أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب ـ وعيناه تذرفان ـ حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم).
نهاية المعركة
ومع الشجاعة البالغة والبسالة والضراوة المريرتين، كان مستغرباً جداً أن ينجح هذا الجيش الصغير في الصمود أما تيارات ذلك البحر الغطمطم من جيوش الروم. ففي ذلك الوقت أظهر خالد بن الوليد مهارته ونبوغه في تخليص المسلمين مما ورطوا أنفسهم فيه.
واختلفت الروايات كثيراً فيما آل إليه أمر هذه المعركة أخيراً. ويظهر بعد النظر في جميع الروايات أن خالد بن الوليد نجح في الصمود أمام جيش الرومان طول النهار، في أول يوم من القتال. وكان يشعر بمسيس الحاجة إلى مكيدة حربية تلقي الرعب في قلوب الرومان حتى ينجح في الانحياز بالمسلمين من غير أن يقوم الرومان بحركات المطاردة. فقد كـان يعرف جيداً أن الإفلات من براثنهم صعب جداً لو انكشف المسلمون، وقام الرومان بالمطاردة.
فلما أصبح اليوم الثاني غير أوضاع الجيش، وعبأه من جديد، فجعل مقدمته ساقه، وميمنته ميسرة، وعلى العكس، فلما رآهم الأعداء أنكروا حالهم، وقالوا: جاءهم مدد، فرعبوا، وصار خالد ـ بعد أن تراءي الجيشان، وتناوشا ساعة ـ يتأخر بالمسلمين قليلاً قليلاً، مع حفظ نظام جيشه، ولم يتبعهم الرومان ظناً منهم أن المسلمين يخدعونهم، ويحاولون القيام بمكيدة ترمي بهم في الصحراء.
وهكذا انحاز العدو إلى بلاده، ولم يفكر في القيام بمطاردة المسلمين ونجح المسلمون في الانحياز سالمين، حتى عادوا إلى المدينة.
قتلى الفريقين
واستشهد يومئذ من المسلمين اثنا عشر رجلاً، أما الرومان، فلم يعرف عدد قتلاهم، غير أن تفصيل المعركة يدل على كثرتهم.
أثر المعركة
وهذه المعركة وإن لم يحصل المسلمون بها على الثأر، الذي عانوا مرارتها لأجله، لكنها كانت كبيرة الأثر لسمعة المسلمين، إنها ألقت العرب كلها في الدهشة والحيرة، فقد كانت الرومان أكبر وأعظم قوة على وجه الأرض، وكانت العرب تظن أن معني جلادها هو القضاء على النفس وطلب الحتف بالظِّلْف، فكان لقاء هذا الجيش الصغير ـ ثلاثة آلاف مقاتل ـ مع ذلك الجيش الضخم العرمرم الكبير ـ مائتا ألف مقاتل ـ ثم الرجوع عن الغزو من غير أن تلحق به خسارة تذكر. كان كل ذلك من عجائب الدهر، وكان يؤكد أن المسلمين من طراز آخر غير ما ألفته العرب وعرفته، وأنهم مؤيدون ومنصورون من عند الله، وأن صاحبهم رسول الله حقاً. ولذلك نري القبائل اللدودة التي كانت لا تزال تثور على المسلمين جنحت بعد هذه المعركة إلى الإسلام، فأسلمت بنو سُلَيْم وأشْجَع وغَطَفَان وذُبْيَان وفَزَارَة وغيرها.
وكانت هذه المعركة بداية اللقاء الدامي مع الرومان، فكانت توطئة وتمهيداً لفتوح البلدان الرومانية، واحتلال المسلمين الأراضي البعيدة النائية.
سرية ذات السَّلاسِل
ولما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بموقف القبائل العربية ـ التي تقطن مشارف الشام ـ في معركة مؤتة من اجتماعهم إلى الرومان ضد المسلمين، شعر بمسيس الحاجة إلى القيام بحكمة بالغة توقع الفرقة بينها وبين الرومان، وتكون سبباً للائتلاف بينها وبين المسلمين، حتى لا تتحشد مثل هذه الجموع الكبيرة مرة أخري.
واختار لتنفيذ هذه الخطة عمرو بن العاص ؛ لأن أم أبيه كانت امرأة من بَلِي. فبعثه إليهم في جمادي الآخرة سنة 8 هـ على إثر معركة مؤتة ؛ ليستألفهم، ويقال: بل نقلت الاستخبارات أن جمعاً من قُضَاعَة قد تجمعوا، يريدون أن يدنوا من أطراف المدينة، فبعثه إليه، ويمكن أن يكون السببان اجتمعا معاً.
وعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص لواء أبيض، وجعل معه راية سوداء، وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار، ومعهم ثلاثون فرساً، وأمره أن يستعين بمن مر به من بَلِي وعُذْرَةَ وبَلْقَيْنِ. فسار الليل وَكمَنَ النهار، فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعاً كثيراً، فبعث رافع بن مَكِيثٍ الجُهَنِي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في مائتين، وعقد له لواء، وبعث له سراة المهاجرين والأنصار ـ فيهم أبو بكر وعمر ـ وأمره أن يلحق بعمرو، وأن يكونا جميعاً ولا يختلفا. فلما لحق به أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس، فقال عمرو: إنما قدمت على مددا، وأنا الأمير، فأطاعه أبو عبيدة، فكان عمرو يصلي بالناس.
وسار حتى وطئ بلاد قُضَاعَة، فدوخها حتى أتي أقصي بلادهم، ولقي في آخر ذلك جمعاً، فحمل عليهم المسلمون فهربوا في البلاد وتفرقوا.
وبعث عوف بن مالك الأشجعي بريداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بقفولهم وسلامتهم، وما كان في غزاتهم.
وذات السلاسل [بضم السين الأولي وفتحها: لغتان] بقعة وراء وادي القُرَي، بينها وبين المدينة عشرة أيام. وذكر ابن إسحاق أن المسلمين نزلوا على ماء بأرض جُذَام يقال له: السلسل، فسمي ذات السلاسل.
سرية أبي قتادة إلى خضرة
كانت هذه السرية في شعبان سنة 8 هـ ؛ وذلك لأن بني غَطَفَان كانوا يتحشدون في خَضِرَة ـ وهي أرض مُحَارِب بنَجْد ـ فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة في خمسة عشر رجلاً، فقتل منهم، وسَبَي وغنم، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة. | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول السبت مارس 08, 2008 10:16 pm | |
| وفاته
إلى الرفيق الأعلى
طلائع التوديع
ولما تكاملت الدعوة وسيطر الإسلام على الموقف، أخذت طلائع التوديع للحياة والأحياء تطلع من مشاعره صلى الله عليه وسلم، وتتضح بعباراته وأفعاله.
إنه اعتكف في رمضان من السنة العاشرة عشرين يوماً، بينما كان لا يعتكف إلا عشرة أيام فحسب، وتدارسه جبريل القرآن مرتين، وقال في حجة الوداع: (إني لا أدري لعلى لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً)، وقال وهو عند جمرة العقبة: (خذوا عني مناسككم، فلعلي لا أحج بعد عامي هذا)، وأنزلت عليه سورة النصر في أوسط أيام التشريق، فعرف أنه الوداع وأنه نعيت إليه نفسه.
وفي أوائل صفر سنة 11 هـ خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد، فصلي على الشهداء كالمودع للأحياء والأموات، ثم انصرف إلى المنبر فقال: (إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها).
وخرج ليلة ـ في منتصفها ـ إلى البَقِيع، فاستغفر لهم، وقــال: (السلام عليكـم يـا أهل المقابر، لِيَهْنَ لكم ما أصبحتم فيه بما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع آخرها أولها، والآخرة شر من الأولي)، وبشرهم قائلاً: (إنا بكم للاحقون).
بـدايـة المـرض
وفي اليوم الثامن أو التاسع والعشرين من شهر صفر سنة11هـ ـ وكان يوم الاثنين ـ شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة في البقيع، فلما رجع، وهو في الطريق أخذه صداع في رأسه، واتقدت الحرارة، حتى إنهم كانوا يجدون سَوْرَتَها فوق العِصَابة التي تعصب بها رأسه.
وقد صلي النبي صلى الله عليه وسلم بالناس وهو مريض 11 يوماً، وجميع أيام المرض كانت 31، أو 41 يوماً.
الأسبوع الأخير
وثقل برسول الله صلى الله عليه وسلم المرض، فجعل يسأل أزواجه: (أين أنا غداً؟ أين أنا غداً؟) ففهمن مراده، فأذن له يكون حيث شاء، فانتقل إلى بيت عائشة يمشي بين الفضل بن عباس وعلى بن أبي طالب، عاصباً رأسه، تخط قدماه حتى دخل بيتها، فقضي عندها آخر أسبوع من حياته.
وكانت عائشة تقرأ بالمعوذات والأدعية التي حفظتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت تنفث على نفسه، وتمسحه بيده رجاء البركة.
قبل الوفاة بخمسة أيام
ويوم الأربعاء قبل خمسة أيام من الوفاة، اتقدت حرارة العلة في بدنه، فاشتد به الوجع وغمي، فقال: (هريقوا علي سبع قِرَب من آبار شتي، حتى أخرج إلى الناس، فأعهد إليهم)، فأقعدوه في مِخَضَبٍ ، وصبوا عليه الماء حتى طفق يقول: (حسبكم، حسبكم).
وعند ذلك أحس بخفة، فدخل المسجد متعطفاً ملحفة على منكبيه، قد عصب رأسه بعصابة دسمة حتى جلس على المنبر، وكان آخر مجلس جلسه، فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: (أيها الناس، إلي)، فثابوا إليه، فقال ـ فيما قال: (لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ـ وفي رواية: (قاتل الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ـ وقال: (لا تتخذوا قبري وثناً يعبد).
وعرض نفسه للقصاص قائلاً: (من كنت جلدت له ظَهْرًا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عِرْضاً فهذا عرضي فليستقد منه).
ثم نزل فصلى الظهر، ثم رجع فجلس على المنبر، وعاد لمقالته الأولي في الشحناء وغيرها. فقال رجل: إن لي عندك ثلاثة دراهم، فقال: (أعطه يا فضل)، ثم أوصي بالأنصار قائلاً:
(أوصيكم بالأنصار، فإنهم كِرْشِي وعَيْبَتِي، وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم، فاقبلوا من مُحْسِنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم)، وفي رواية أنه قال: (إن الناس يكثرون، وتَقِلُّ الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولي منكم أمراً يضر فيه أحداً أو ينفعه فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم).
ثم قال: (إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده). قال أبو سعيد الخدري: فبكي أبو بكر. قال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، فعجبنا له، فقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا، وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أمنّ الناس على في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لا تخذت أبا بكر خليلاً، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر).
قبل أربعة أيام
ويوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام قال ـ وقد اشتد به الوجع: (هلموا أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده) ـ وفي البيت رجال فيهم عمر ـ فقال عمر: قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبكم كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغط والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قوموا عني).
وأوصى ذلك اليوم بثلاث: أوصي بإخراج اليهود والنصاري والمشركين من جزيرة العرب، وأوصي بإجازة الوفود بنحو ما كان يجيزهم، أما الثالث فنسيه الراوي. ولعله الوصية بالاعتصام بالكتاب والسنة، أو تنفيذ جيش أسامة، أو هي: (الصلاة وما ملكت أيمانكم).
والنبي صلى الله عليه وسلم مع ما كان به من شدة المرض كان يصلي بالناس جميع صلواته حتى ذلك اليوم ـ يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام ـ وقد صلي بالناس ذلك اليوم صلاة المغرب، فقرأ فيها بالمرسلات عرفاً.
وعند العشاء زاد ثقل المرض، بحيث لم يستطع الخروج إلى المسجد. قالت عائشة: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أصَلَّى الناس؟) قلنا: لا يا رسول الله، وهم ينتظرونك. قال: (ضعوا لي ماء في المِخْضَب)، ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه. ثم أفاق، فقال: (أصلى الناس؟) ـ ووقع ثانياً وثالثاً ما وقع في المرة الأولي من الاغتسال ثم الإغماء حينما أراد أن ينوء ـ فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، فصلي أبو بكر تلك الأيام 17 صلاة في حياته صلى الله عليه وسلم، وهي صلاة العشاء من يوم الخميس، وصلاة الفجر من يوم الإثنين، وخمس عشرة صلاة فيما بينها.
وراجعت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث أو أربع مرات ؛ ليصرف الإمامة عن أبي بكر حتى لا يتشاءم به الناس ، فأبي وقال: (إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس).
قبل ثلاثة أيام
قال جابر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاث وهو يقول: (ألا لا يموت أحد منكم إلا وهو يحسن الظـن بالله).
قبل يوم أو يومين
ويوم السبت أو الأحد وجد النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة، فخرج بين رجلين لصلاة الظهر، وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر، فأومأ إليه بألا يتأخر، قال: (أجلساني إلى جنبه)، فأجلساه إلى يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمع الناس التكبير.
قبل يوم
وقبل يوم من الوفاة ـ يوم الأحد ـ أعتق النبي صلى الله عليه وسلم غلمانه، وتصدق بستة أو سبعة دنانير كانت عنده ، ووهب للمسلمين أسلحته، وفي الليل أرسلت عائشة بمصباحها امرأة من النساء وقالت: أقطري لنا في مصباحنا من عُكَّتِك السمن ، وكانت درعه صلى الله عليه وسلم مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من الشعير.
آخر يوم من الحياة
روي أنس بن مالك: أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجـر من يوم الاثنين ـ وأبو بكر يصلي بهم ـ لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم، وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه ؛ ليصل الصف، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة. فقال أنس: وهَمَّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم، فَرَحًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليهم بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخي الستر.
ثم لم يأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت صلاة أخرى.
ولما ارتفع الضحى، دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة فسَارَّها بشيء فبكت، ثم دعاها، فسارها بشيء فضحكت، قالت عائشة: فسألنا عن ذلك ـ أي فيما بعد ـ فقالت: سارني النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه، فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت.
وبشر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بأنها سيدة نساء العالمين.
ورأت فاطمة ما برسول الله صلى الله عليه وسلم من الكرب الشديد الذي يتغشاه.
فقالت: وا كرب أباه. فقال لها: (ليس على أبيك كرب بعد اليوم).
ودعا الحسن والحسين فقبلهما، وأوصي بهما خيراً، ودعا أزواجه فوعظهن وذكرهن.
وطفق الوجع يشتد ويزيد، وقد ظهر أثر السم الذي أكله بخيبر حتى كان يقول: (يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبْهَرِي من ذلك السم).
وقد طرح خَمِيصَة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك ـ وكان هذا آخر ما تكلم وأوصي به الناس: (لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ـ يحذر ما صنعوا ـ لا يبقين دينان بأرض العرب).
وأوصى الناس فقال: (الصلاة، الصلاة، وما ملكت أيمانكم)، كــرر ذلك مــراراً.
الاحتضار
وبدأ الاختصار فأسندته عائشة إليها، وكانت تقول: إن من نعم الله على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سَحْرِي ونَحْرِي، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته. دخل عبد الرحمن ـ بن أبي بكر ـ وبيده السواك، وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم. فتناولته فاشتد عليه، وقلت: ألينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم. فلينته، فأمره ـ وفي رواية أنه استن به كأحسن ما كان مستنا ـ وبين يديه رَكْوَة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح به وجهه، يقول: (لا إله إلا الله، إن للموت سكرات...) الحديث.
وما عدا أن فرغ من السواك حتى رفع يده أو أصبعه، وشخص بصره نحو السقف، وتحركت شفتاه، فأصغت إليه عائشة وهو يقول: (مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلي. اللهم، الرفيق الأعلي).
كرر الكلمة الأخيرة ثلاثاً، ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلي. إنا لله وإنا إليه راجعون.
وقع هذا الحادث حين اشتدت الضحي من يوم الاثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، وقد تم له صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة وزادت أربعة أيام.
تفاقم الأحزان على الصحابة
وتسرب النبأ الفادح، وأظلمت على أهل المدينة أرجاؤها وآفاقها. قال أنس: ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولما مات قالت فاطمة: يا أبتاه، أجاب ربا دعاه. يا أبتاه، مَنْ جنة الفردوس مأواه. يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه.
موقف عمر
ووقف عمر بن الخطاب يقول: إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات، لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسي بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم بعد أن قيل: قد مات.
ووالله، ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات.
موقف أبي بكر
وأقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسُّنْح حتى نزل، فدخل المسجد، فلم يكلم الناس، حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مغشي بثوب حِبَرَة، فكشف عن وجهه ثم أكب عليه، فقبله وبكي، ثم قال: بأبي أنت وأمي، لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كتبت عليك فقد مِتَّهَا.
ثم خرج أبو بكر، وعمر يكلم الناس، فقال: اجلس يا عمر، فأبي عمر أن يجلس، فتشهد أبو بكر، فأقبل الناس إليه، وتركوا عمر، فقال أبو بكر:
أما بعد، من كان منكم يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال الله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144].
قال ابن عباس: والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها منه الناس كلهم، فما أسمع بشراً من الناس إلا يتلوها.
قال ابن المسيب: قال عمر: والله، ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها، فعرفت أنه الحق، فعقرت حتى ما تُقُلِّني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها، علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات.
التجهيز وتوديع الجسد الشريف إلى الأرض
ووقع الخلاف في أمرالخلافة قبل أن يقوموا بتجهيزه صلى الله عليه وسلم، فجرت مناقشات ومجادلات وحوار وردود بين المهاجرين والأنصار في سَقِيفة بني ساعدة، وأخيرًا اتفقوا على خلافة أبي بكر رضي الله عنه، ومضي في ذلك بقية يوم الاثنين حتى دخل الليل، وشغل الناس عن جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان آخر الليل ـ ليلة الثلاثاء ـ مع الصبح، وبقي جسده المبارك على فراشه مغشي بثوب حِبَرَة، قد أغلق دونه الباب أهله.
ويوم الثلاثاء غسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير أن يجردوه من ثيابه، وكان القائمون بالغسل: العباس وعليّا، والفضل وقُثَم ابني العباس، وشُقْرَان مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسامة بن زيد، وأوس بن خَوْلي، فكان العباس والفضل وقثم يقلبونه، وأسامة وشقران يصبان الماء، وعلى يغسله، وأوس أسنده إلى صدره.
وقد غسل ثلاث غسلات بماء وسِدْر، وغسل من بئر يقال لها: الغَرْس لسعد بن خَيْثَمَة بقُبَاء وكان يشرب منها.
ثم كفنوه في ثلاثة أثواب يمانية بيض سَحُولِيَّة من كُرْسُف، ليس فيها قميص ولا عمامة. أدرجوه فيها إدراجًا.
واختلفوا في موضع دفنه، فقال أبو بكر: إني سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: (ما قبض نبي إلا دفن حيث يـقبض)، فرفع أبو طلحة فراشه الذي توفي عليه، فحفر تحته، وجعل القبر لحداً.
ودخل الناس الحجرة أرسالاً، عشرة فعشرة، يصلون على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أفذاذاً، لا يؤمهم أحد، وصلي عليه أولاً أهل عشيرته، ثم المهاجرون، ثم الأنصار، ثم الصبيان، ثم النساء، أو النساء ثم الصبيان.
ومضى في ذلك يوم الثلاثاء كاملاً، ومعظم ليلة الأربعاء، قالت عائشة: ما علمنا بدفن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المسَاحِي من جوف الليل ـ وفي رواية: من آخر الليل ـ ليلة الأربعاء. | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول السبت مارس 08, 2008 10:19 pm | |
| شبهات و ردود
بسم الله الرحمن الرحيم
الرد على شبهة أن النبي – صلى الله عليه وسلم - أكل طعاما ذبح على الصنم و النصب
أبو عبد العزيز سعود الزمانان
الرد على شبهة أن النبي – صلى الله عليه وسلم - أكل طعاما ذبح على الصنم والنصب:
- تعريف النصب: هي الأصنام والحجارة التي كان الكفار يذبحون عليها.
أخرج الإمام أحمد (1/190 ) قال: حدثنا يزيد حدثنا المسعودي عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عن أبيه عن جده قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة هو وزيد بن حارثة فمر بهما زيد بن عمرو بن نفيل فدعواه إلى سفرة لهما فقال يا ابن أخي إني لا آكل مما ذبح على النصب قال فما رئي النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أكل شيئا مما ذبح على النصب قال قلت يا رسول الله إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك ولو أدركك لآمن بك واتبعك فاستغفر له قال نعم فأستغفر له فإنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة " .
الشبهة:
قال المبتدعة والزنادقة كيف يذبح الرسول على النصب والأصنام، وكيف يأكل مما ذبح عليها ؟
الرد:
- أولاً : رواية (( إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم )) قال: فما رؤي النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد ذلك أكل شيئاً مما ذبح على النصب ) منكرة ولا تصح .
- قال الشيخ الألباني – رحمه الله - :" أخرجه الإمام أحمد ( رقم 5369) من حديث ابن عمر ، وقد رواه أيضا من حديث سعيد بن زيد بن عمرو(1648) وفيه زيادة منكرة ، وهي تتنافى مع التوجيه الحسن الذي وجه به الحديث المؤلف وهي قوله بعد (( إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم )) .
قال : فما رؤي النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد ذلك أكل شيئاً مما ذبح على النصب وعلة هذه الزيادة أنها من رواية المسعودي وكان قد اختلط وراوي هذا الحديث عنه يزيد بن هارون سمع منه بعد اختلاطه ، ولذلك لم يحسن صنعا حضرة الأستاذ الشيخ أحمد محمد شاكر حيث صرح في تعليقه على المسند أن إسناده صحيح ، ثم صرح بعد سطور أنه إنما صححه مع اختلاطه لأنه ثبت معناه من حديث ابن عمر بسند صحيح يعني هذا الذي في الكتاب ، وليس فيه الزيادة المنكرة ، فكان عليه أن ينبه عليها حتى لا يتوهم أحد أن معناها ثابت أيضاً في حديث ابن عمر " .
- ثانياً : حكم على هذه الزيادة بالنكارة الإمام الذهبي أيضا ، فالرواية أخرجها البزار ( 2755) والنسائي في الكبرى (8188) والطبراني (4663) وأبو يعلى (7211) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة عن أسامة بن زيد عن زيد بن حارثة قال خرجت مع رسول الله ... الحديث.
- قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (1/221-222) :" في سنده محمد – يعني ابن عمرو بن علقمة - لا يحتج به، وفي بعضه نكارة بينة " . - ثالثاً : وهذا العبارة منكرة :" شاة ذبحناها لنصب كذا وكذا ... " وهي نكارة بينة كما قال الذهبي ، وهذا نص في أنهم ذبحوها للنصب لا عليه فقط ، وهذه الجملة لا تحتمل ولا تليق بالنبي – صلى الله عليه وسلم – وفي سندها محمد بن عمرو بن علقمة قال فيه الحافظ :" صدوق له أوهام " وقال الجوزجاني وغيره :" ليس بقوي " وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (1/221-222) :" - لا يحتج به " .
- رابعاً : الرواية الصحيحة هي كما جاءت في صحيح البخاري ، قال البخاري ( 5499 ) حدثنا معلَّى بن أسد قال: حدثنا عبد العزيز يعني ابن المختار قال: أخبرنا موسى بن عقبة قال: أخبرني سالم: أنه سمع عبد الله يحدث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنه لقي زيد بن عمرو بن نُفَيل بأسفل بَلْدَحَ،- ( مكان في طريق التنعيم ، ويقال هو واد ) - وذاك قبل أن يُنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، فقُدِّم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منها، ثم قال: (( إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا مما ذُكر اسم الله عليه )) .
- وقال البخاري ( 3826) حدثني محمد بن أبي بكر قال: حدثنا فضيل بن سليمان قال: حدثنا موسى بن عقبة قال: حدثنا سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:" أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح، قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم سفرة، فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه. وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله. إنكارا لذلك وإعظاما له" . قال ابن بطال – رحمه الله -:" كانت السفرة لقريش فقدموها للنبي – صلى الله عليه وسلم – فأبى أن يأكل منها ، فقدمها النبي – صلى الله عليه وسلم – لزيد بن عمرو ، فأبى أن يأكل منها ، وقال مخاطباً لقريش الذين قدموها أولاً : إنا لا نأكل ما ذبح على أنصابكم" ( عمدة القاري 11/540) . - خامساً: أين ما يدل في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أكل من هذه السفرة ؟ فليس في الحديث أنه – صلى الله عليه وسلم – أكل منها، وإنما غاية ما في الحديث أن السفرة قدمت للنبي – صلى الله عليه وسلم – ولزيد ولم يأكلا منها.
- سادساً: فهذا هو الثابت في الصحيح أن النبي – صلى الله عليه وسلم – عرضت وقدمت له السفرة فامتنع أن يأكل منها، نعم جاء عند أحمد (2/69) من طريق عفان عن وهيب عن موسى، وأخرجه أحمد (2/90) من طريق يحيى بن آدم عن زهير عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر بلفظ :" فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم فأبى أن يأكل منها ثم قال (( إني لا آكل ما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه )) .
فمما سبق بيانه يتضح أن رواية صحيح البخاري أن السفرة قدمت للنبي – صلى الله عليه وسلم – فرفض أن يأكل منها، ثم قدمت لزيد ولم يأكل منها، فلا وجه لطعن طاعن أو لمز لامز ولله الحمد. - ولو افترضنا صحة الرواية التي جاءت عند أحمد، وأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قدم السفرة لزيد، فكذلك لا يوجد دليل على أنها ذبحت على نصب أو ذبحت لصنم، وإن كان قد يفهم منها هذا ولكنها ليست صريحة.
- سابعاً: قال الخطابي في " أعلام الحديث " 3/1657 :" امتناع زيد بن عمرو من أكل ما في السفرة إنما كان من أجل خوفه أن يكون اللحم الذي فيها مما ذبح على الأنصاب فتنزه من أكله ، وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يأكل من ذبائحهم التي كانوا يذبحونها لأصنامهم ، فأما ذبائحهم لمأكلتهم فإنا لم نجد في شيء من الأخبار أنه كان يتنزه منها ، ولأنه كان لا يرى الذكاة واقعة إلا بفعلهم قبل نزول الوحي عليه ، وقبل تحريم ذبائح أهل الشرك ، فقد كان بين ظهرانيهم ، مقيماً معهم ، ولم يُذكر أنه كان يتميز عنهم إلا في أكل الميتة ، وكانت قريش وقبائل من العرب تتنزه في الجاهلية عن أكل الميتات ، ولعله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن يتّسع إذ ذاك لأن يذبح لنفسه الشاة ليأكل منها الشلو أو البضعة، ولا كان فيما استفاض من أخباره أنه كان يهجر اللحم ولا يأكله ، وإذا لم يكن بحضرته إلا ذكاة أهل الشرك ولا يجد السبيل إلى غيره ، ولم ينزل عليه في تحريم ذبائحهم شيء ، فليس إلا أكل ما يذبحونه لمأكلتهم بعد أن تنزه من الميتات تنزيهاً من الله عز وجل له ، واختياراً من جهة الطبع لتركها استقذاراً لها ، وتقززاً منها ، وبعد أن يجتنب الذبائح لأصنامهم عصمة من الله عز وجل له لئلا يشاركهم في تعظيم الأصنام بها " .
- ثامناً: قال السهيلي:" فإن قيل : فالنبي – صلى الله عليه وسلم – كان أولى من زيد بهذه الفضيلة ، فالجواب أنه ليس في الحديث أنه – صلى الله عليه وسلم – أكل منها ، وعلى تقدير أن يكون أكل ، فزيد إنما كان يفعل ذلك برأي يراه لا بشرع بلغه ، وإنما كان عند أهل الجاهلية بقايا من دين إبراهيم ، وكان في شرع إبراهيم تحريم الميتة ، لا تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه ، وإنما نزل تحريم ذلك في الإسلام ، والأصح أن الأشياء قبل الشرع لا توصف بحل ولا بحرمة ، مع أن الذبائح لها أصل في تحليل الشرع واستمر ذلك إلى نزول القرآن ... " .
- وقال القاضي عياض في عصمة الأنبياء قبل النبوة :" إنها كالممتنع ، لأن النواهي إنما تكون بعد تقرير الشرع ، والنبي – صلى الله عليه وسلم – لم يكن متعبداً قبل أن يوحى إليه بشرع من قبله على الصحيح ... " . - تاسعاً: ومن التوجيهات كذلك كما قال الشيخ الألباني – رحمه الله - :" توهم زيد أن اللحم المقدم إليه من جنس ما حرم الله ، ومن المقطوع به أن بيت محمد – صلى الله عليه وسلم – لا يطعم ذبائح الأصنام ، ولكن أراد الإستيثاق لنفسه والإعلان عن مذهبه ، وقد حفظ محمد له ذلك وسرّ به.
-عاشراً : قال الذهبي – رحمه الله- :" لو افترض أن زيد بن حارثة هو الذي ذبح على النصب فقد فعله من غير أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – إلا أنه كان معه، فنسب ذلك إليه، لأن زيداً لم كن معه من العصمة والتوفيق ما أعطاه لنبيه ، وكيف يجوز ذلك وهو عليه السلام قد منع زيداً أن يمس صنماً، وما مسه هو قبل نبوته، فكيف يرضى أن يذبح للصنم ، هذا محال " .
- وقال أيضا:" أن يكون ذبح لله واتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده
- نتيجة البحث:
1-: ليس في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذبح على النصب أو أكل مما ذبح على النصب، وغاية ما في الحديث أن السفرة قدمت للنبي – صلى الله عليه وسلم – ولزيد ولم يأكلا منها . 2 -: الرواية التي في صحيح البخاري أن السفرة قدمت للنبي – صلى الله عليه وسلم – فرفض أن يأكل منها، ثم قدمت لزيد ولم يأكل منها، فلا وجه لطعن طاعن أو لمز لامز ولله الحمد. 3 -: جاءت رواية عند أحمد أن النبي– صلى الله عليه وسلم – قدم السفرة لزيد ، وامتنع زيد أن يأكل منها، وكذلك لا يوجد أي دليل على الذبح للنصب أو للصنم ، وإن كان يفهم منها هذا ولكنها ليست صريحة . 4-: امتناع زيد بن عمرو من أكل ما في السفرة إنما كان من أجل خوفه أن يكون اللحم الذي فيها مما ذبح على الأنصاب فتنزه من أكله ، وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يأكل من ذبائحهم التي كانوا يذبحونها لأصنامهم .
5 -: قال الذهبي– رحمه الله -:" لو افترض أن زيد بن حارثة هو الذي ذبح على النصب فقد فعله من غير أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – إلا أنه كان معه ، فنسب ذلك إليه ، لأن زيداً لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما أعطاه الله لنبيه ، وكيف يجوز ذلك وهو عليه السلام قد منع زيداً أن يمس صنماً ، وما مسه هو قبل نبوته ، فكيف يرضى أن يذبح للصنم ، هذا محال " .
6 -: أما ما جاء في بعض الروايات التي فيها (( إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم )) قال : فما رؤي النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد ذلك أكل شيئاً مما ذبح على النصب ) وهذه الرواية منكرة ، حكم عليها بالنكارة الإمام الذهبي والإمام الألباني – رحمهما الله - . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
---------------------------------------- [1] المغني في الضعفاء ترجمة رقم 5879 .
[2] ( فقه السيرة ص 82 ) .
[3] ( سير أعلام النبلاء 1/135) .
| |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول السبت مارس 08, 2008 10:21 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الشيطان يوحى إلى محمد صلى الله عليه وسلم أ.د محمود حمدي زقزوق الرد على الشبهة:الظالمون لمحمد صلى الله عليه وسلم يستندون في هذه المقولة إلى أكذوبة كانت قد تناقلتها بعض كتب التفسير من أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصلاة بالناس سورة " النجم: فلما وصل صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى: (( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى)) (النجم:21،20) . (1) ؛ تقول الأكذوبة:إنه صلى الله عليه وسلم قال: ـ حسب زعمهم ـ تلك الغرانيق (2) العلى وإن شفاعتهن لترتجى. ثم استمر صلى الله عليه وسلم في القراءة ثم سجد وسجد كل من كانوا خلفه من المسلمين، وأضافت الروايات أنه سجد معهم من كان وراءهم من المشركين !! وذاعت الأكذوبة التي عرفت بقصة " الغرانيق " وقال ـ من تكون أذاعتها في صالحهم ـ: إن محمداً أثنى على آلهتنا وتراجع عما كان يوجهه إليها من السباب. وإن مشركى مكة سيصالحونه وسيدفعون عن المؤمنين به ما كانوا يوقعونه بهم من العذاب. وانتشرت هذه المقولة حتى ذكرها عدد من المفسرين حيث ذكروا أن المشركين سجدوا كما سجد محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا له: ما ذكرت آلهتنا بخير قبل اليوم ولكن هذا الكلام باطل لا أصل له. وننقل هنا عن الإمام ابن كثير في تفسيره الآيات التي اعتبرها المرتكز الذي استند إليه الظالمون للإسلام ورسوله وهى في سورة الحج حيث تقول: (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (الحج:52 ) . (3) وبعد ذكره للآيتين السابقتين يقول: " ذكر كثير من المفسرين هنا قصة " الغرانيق وما كان من رجوع كثير ممن هاجروا إلى الحبشة " ظنًّا منهم أن مشركى مكة قد أسلموا. ثم أضاف ابن كثير يقول: ولكنها - أي قصة " الغرانيق " - من طرق كثيرة مرسلة ولم أرها مسندة من وجه صحيح ، ثم قال ابن كثير: (4) عن ابن أبى حاتم بسنده إلى سعيد بن جبير قال: " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة " سورة النجم " فلما بلغ هذا الموضع. (( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى)) (النجم:21،20) . قال بن جبير: فألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى. فقال المشركون: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم.. فأنزل الله هذه الآية: (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (الحج:52 ) . ليقرر العصمة والصون لكلامه سبحانه من وسوسة الشيطان. وربما قيل هنا: إذا كان الله تعالى ينسخ ما يلقى الشيطان ويحكم آياته فلماذا لم يمنع الشيطان أصلاً من إلقاء ما يلقيه من الوساوس في أمنيات الأنبياء والجواب عنه قد جاء في الآيتين اللتين بعد هذه الآية مباشرة: أولاً: ليجعل ما يلقيه الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض من المنافقين والقاسية قلوبهم من الكفار وهو ما جاء في الآية الأولى منهما: (( لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ )) (الحج:53). ثانياً: لميز المؤمنين من الكفار والمنافقين فيزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم ؛ وهو ما جاء في الآية الثانية: ((وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)) (الحج:54 ). هذا: وقد أبطل العلماء قديمًا وحديثًا قصة الغرانيق، ومن القدماء الإمام الفخر الرازي الذى قال ما ملخصه (7): " قصة الغرانيق باطلة عند أهل التحقيق، وقد استدلوا على بطلانها بالقرآن والسنة والمعقول ؛ أما القرآن فمن وجوه: منها قوله تعالى: (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ)) (الحاقة:47،44 ) وقوله سبحانه: (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )) (النجم:3،4). وقوله سبحانه حكاية عن رسوله صلى الله عليه وسلم: (( قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ)) (يونس:15) . وأما بطلانها بالسنة فيقول الإمام البيهقى:روى الإمام البخاري في صحيحه (( أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قرأ سورة " النجم " فسجد وسجد فيها المسلمون والمشركون والإنس والجن وليس فيها حديث " الغرانيق )) . وقد روى هذا الحديث من طرق كثيرة ليس فيها ألبته حديث الغرانيق. فأما بطلان قصة " الغرانيق " بالمعقول فمن وجوه منها: أ ـ أن من جوّز تعظيم الرسول للأصنام فقد كفر لأن من المعلوم بالضرورة أن أعظم سعيه صلى الله عليه وسلم كان لنفى الأصنام وتحريم عبادتها؛ فكيف يجوز عقلاً أن يثنى عليها ؟ ب ـ ومنها: أننا لو جوّزنا ذلك لارتفع الأمان عن شرعـه صلى الله عليه وسلم، فإنه لا فرق - في منطق العقل - بين النقصان في نقل وحى الله وبين الزيادة فيه. ------------------------ (1) النجم: 19 -20. (2) المراد بالغرانيق: الأصنام ؛ وكان المشركون يسمونها بذلك تشبيهًا لها بالطيور البيض التي ترتفع في السماء. (3) الحج: 52. (4) عن: التفسير الوسيط للقرآن لشيخ الأزهر د. طنطاوي ج9 ص 325 وما بعدها. (5) الحج: 53. (6) الحج: 54. (7) التفسير السابق: ص 321. ( الحاقة: 44 ـ 47. (9) النجم: 3- 4. (10) يونس: 15. | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول السبت مارس 08, 2008 10:24 pm | |
| الوحي في ثوب عائشة رضي اللـه عنها
يظن الصليبيين عندما نسخر من شبهاتهم الضعيفة ولا نهتم بها أننا ليس لدينا حجه للرد , حتى كثر اللغط حول موضوع الوحي في ثوب عائشة رضي الله عنها فقلنا رحمة بعقولهم الضعيفة ومستواهم الثقافي واللغوي المتواضع قررنا أن نرد عليهم لعلهم يعقلون أو يهتدي منهم من يبحث عن الحق , ولكن لو كان الحديث به شيء يهين الرسول ما قاله الرسول أو عقب عليه علماء اللغة وجهابذة العربية .
نص الحديث في البخاري :
حدثنا إسماعيل قال حدثني أخي عن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها (( أن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كن حزبين فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة ، فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرها حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة بعث صاحب الهدية بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة، فكلم حزب أم سلمة فقلن لها كلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم الناس فيقول من أراد أن يهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية فليهده إليه حيث كان من بيوت نسائه، فكلمته أم سلمة بما قلن فلم يقل لها شيئا، فسألنها فقالت ما قال لي شيئا، فقلن لها فكلميه قالت فكلمته حين دار إليها أيضا فلم يقل لها شيئا، فسألنها فقالت ما قال لي شيئا فقلن لها كلميه حتى يكلمك فدار إليها فكلمته فقال لها لا تؤذيني في عائشة فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة، قالت فقالت أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول إن نساءك ينشدنك الله العدل في بنت أبي بكر فكلمته فقال يا بنية ألا تحبين ما أحب قالت بلى فرجعت إليهن فأخبرتهن، فقلن ارجعي إليه فأبت أن ترجع فأرسلن زينب بنت جحش فأتته فأغلظت وقالت إن نساءك ينشدنك الله العدل في بنت ابن أبي قحافة فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة فسبتها حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عائشة هل تكلم، قال فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها، قالت فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة وقال إنها بنت أبي بكر)) .
قال البخاري الكلام الأخير قصة فاطمة يذكر عن هشام بن عروة عن رجل عن الزهري عن محمد بن عبد الرحمن، وقال أبو مروان عن هشام عن عروة كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وعن هشام عن رجل من قريش ورجل من الموالي عن الزهري عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قالت عائشة كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنت فاطمة
الشرح :
اولا : نعلم أن القرآن يفسر بعضه بعضا، والسنة تفسر بعضها بعضا، والسنة أيضا تفسر القران كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وحرف ( في ) هو الذي يسبب للنصارى سوء فهم بسبب ضعفهم اللغوي , فقد قال فرعون عن السحرة في الآية (( وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ)) (طه : 71 ) وطبيعي أن لا يقول عاقل أن السحرة صلبهم فرعون في داخل النخل !!!! بل ( في ) هنا تعنى على النخل .
ثانيا : يقول القرآن على النساء والرجال لفظ لباس (( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ)) البقرة : 187 ) .
ولا يعنى هذا إن المرأة بنطال للرجل أو إن الرجل فستان للمرأة كما يفهم النصارى , بل إن لفظ ( لباس ) عند المصريين يعنى شيء آخر غير باقي الدول العربية , وطبيعي أن المفهوم من الآية أنه كما يتستر الملابس الجسد فان المرأة تستر زوجها من الزنا والمعاصي وكذلك الرجل يستر على زوجته ويعفها
والثوب : مأخوذ من ثاب.
ثاب الرجل رجع بعد ذهابه.
تقول ثاب ثوبا وثوبان.
وثاب الناس أي اجتمعوا وجاءوا
ثاب الماء إذا اجتمع في الحوض.
وثاب فلان إلى الله إذا تاب ورجع إليه.
ولهذا ثوب وثياب مأخوذة من نفس المادة من رجوع المرء إلى رداءه أو فرشه بعد فراقه .
ولهذا ثوب أيضا تعني أيضا الفراش وليس الملبس فقط , إن الفراش من الأشياء التي يرجع إليها المرء بعد تركها فيطلق عليها ثوب أيضا وليس الأمر قاصرا على الملبس .
المصدر ( مختار الصحاح , وكذلك لسان العرب لابن المنظور الإفريقي )
و الأمر الآخر لكي نفهم معنى ( في ثوب عائشة )
هو البحث عن القصة بكل ملابستها وظروفها في أحاديث أخرى في النقاش الذي كان بين الرسول ونسائه, وهنا يتضح لنا المقصود والمعنى .
وهذا هو عين العقل وضمير الباحث عن الحقيقة مع الدراية باستخدام العرب للألفاظ في مواقف لتدل عن معنى في ذهن المحاور واليكم الآن حديث آخر يتجاهله النصارى لأنه يفضح جهلهم.
نص الحديث :
4253 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ - بَصْرِىٌّ - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ((كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ قَالَتْ فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبَاتِى إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ وَإِنَّا نُرِيدُ الْخَيْرَ كَمَا تُرِيدُ عَائِشَةُ فقولي لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْمُرِ النَّاسَ يُهْدُونَ إِلَيْهِ أَيْنَمَا كَانَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ فَأَعْرَضَ عَنْهَا ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا فَأَعَادَتِ الْكَلاَمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ صَوَاحِبَاتِى قَدْ ذَكَرْنَ أَنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ فَأْمُرِ النَّاسَ يُهْدُونَ أَيْنَمَا كُنْتَ. فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ قَالَتْ ذَلِكَ قَالَ « يَا أُمَّ سَلَمَةَ لاَ تؤذيني في عَائِشَةَ فَإِنَّهُ مَا أُنْزِلَ عَلَىَّ الْوَحْيُ وَأَنَا في لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرَهَا)) .
وهنا يتضح أن المقصود بالثوب هو اللحاف، هو الغطاء أو السترة، لأن كل نساء النبي لهن ستره ولكن لم يأتي الوحي إلا في بيت عائشة، وهذا لفضلها ومن مناقبها رضي الله عنها والسبب في ذلك هو :
1- فسروا هذا الاستثناء في حق السيدة عائشة دون زوجات النبي لسببين الأول أنها كانت كثيرة التنظيف والتطهير لثيابها وفرشها 2- الثاني أنها ابنة أبي بكر وفضلها من فضل أبيها
مفهوم الحديث أن أم المؤمنين السيدة عائشة هي الوحيدة من زوجات النبي التي كان ينزل الوحي عليه وهو نائم بجانبها في الفراش، أو بمعنى آخر في فراشها، لكن طبعا ليس في وضع جماع .
وفي اللغة العربية من الممكن التعبير بالجزء عن الكل إذا اعتبرنا أن الثياب ملازم للمرء وملامس لجسده وكذلك الفرش واللحاف لا يستغنى عنه المرء ودائما ما يتردد عليه المرء للنوم ويكون مهاد ورداء لجسده
نظن أن الأمر قد وضح الآن لمن يبحث عن الحق .
كتبه الأخ / حليمو
| |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول السبت مارس 08, 2008 10:36 pm | |
| تعدد زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم
الكاتب: أ.د محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف.
بتاريخ: 12/14/2003
قالوا إنه صلى الله عليه وسلم:
* تزوج زوجة ابنه بالتبني (زيد بن حارثة) .
* أباح لنفسه الزواج من أي امرأة تهبه نفسها (الخلاصة أنه شهوانى). الرد على الشبهة:
الثابت المشهور من سيرته صلى الله عليه وسلم أنه لم يتزوج إلا بعد أن بلغ الخامسة والعشرين من العمر.
والثابت كذلك أن الزواج المبكر كان من أعراف المجتمع الجاهلي رغبة في الاستكثار من البنين خاصة ليكونوا للقبيلة عِزًّا ومنعة بين القبائل. ومن الثابت كذلك في سيرته الشخصية صلى الله عليه وسلم اشتهاره بالاستقامة والتعفف عن الفاحشة، والتصريف الشائن الحرام للشهوة، رغم امتلاء المجتمع الجاهلي بشرائح من الزانيات اللاتي كانت لهن بيوت يستقبلن فيها الزناة ويضعن عليها " رايات " ليعرفها طلاب المتع المحرمة.
ومع هذا كله ـ مع توفر أسباب الانحراف والسقوط في الفاحشة في مجتمع مكة ـ لم يُعرَف عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلا التعفف والطهارة بين جميع قرنائه؛ ذلك لأن عين السماء كانت تحرسه وتصرف عنه كيد الشيطان. ويُرْوَى في ذلك أن بعض أترابه الشباب أخذوه ذات يوم إلى أحد مواقع المعازف واللهو فغشَّاه الله بالنوم فما أفاق منه إلا حين أيقظه أترابه للعودة إلى دورهم. هذه واحدة..
أما الثانية: فهي أنه حين بلغ الخامسة والعشرين ورغب في الزواج لم يبحث عن " البكر " التي تكون أحظى للقبول وأولى للباحثين عن مجرد المتعة، وإنما تزوج امرأة تكبره بحوالي خمسة عشر عامًا، ثم إنها ليست بكرًا بل هي ثيب ، ولها أولاد كبار أعمار أحدهم يقترب من العشرين ؛ وهى السيدة خديجة وفوق هذا كله فمشهور أنها هي التي اختارته بعد ما لمست بنفسها ـ من خلال مباشرته لتجارتها ـ من أمانته وعفته وطيب شمائله صلى الله عليه وسلم.
والثالثة: أنه صلى الله عليه وسلم بعد زواجه منها دامت عشرته بها طيلة حياتها ولم يتزوج عليها حتى مضت عن دنياه إلى رحاب الله، وقضى معها - رضي الله عنها - زهرة شبابه وكان له منها أولاده جميعًا إلا إبراهيم الذي كانت أمه السيدة " مارية " القبطية.
والرابعة: أنه صلى الله عليه وسلم عاش عمره بعد وفاتها - رضي الله عنها - محبًّا لها يحفظ لها أطيب الذكريات، ويعدد مآثرها وهى مآثر لها خصوص في حياته وفى نجاح دعوته، فيقول في بعض ما قال عنها: [ صدقتني إذ كذبني الناس وأعانتني بمالها ]. بل كان صلى الله عليه وسلم لا يكف عن الثناء عليها، والوفاء لذكراها، والترحيب بمن كن من صديقاتها، حتى أثار ذلك غيرة السيدة عائشة - رضي الله عنها.
أما تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم فكان كشأن غيره من الأنبياء له أسبابه منها: أولاً: كان عُمْرُ محمد صلى الله عليه وسلم في أول زواج له صلى الله عليه وسلم بعد وفاة خديجة تجاوز الخمسين وهى السنّ التي تنطفئ فيها جذوة الشهوة وتنام الغرائز الحسية بدنيًّا، وتقل فيها الحاجة الجنسية إلى الأنثى، وتعلو فيها الحاجة إلى من يؤنس الوحشة ويقوم بأمر الأولاد والبنات اللاتي تركتهم خديجة - رضي الله عنها- وفيما يلي بيان هذا الزواج وظروفه.
الزوجة الأولى: سودة بنت زمعة: كان رحيل السيدة خديجة- رضي الله عنها - مثير أحزان كبرى في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وفى محيط الصحابة - رضوان الله عليهم- إشفاقًا عليه من الوحدة وافتقاد من يرعى شئونه وشئون أولاده، ثم تصادف فقدانه صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب نصيره وظهيره وسُمِّىَ العام الذى رحل فيه نصيراه خديجة وأبو طالب عام الحزن. في هذا المناخ.. مناخ الحزن والوحدة وافتقاد من يرعى شئون الرسول وشئون أولاده سعت إلى بيت الرسول واحدة من المسلمات تُسمى خولة بنت حكيم السلمية، وقالت: له يا رسول الله كأني أراك قد دخلتك خلّة لفقد خديجة فأجاب صلى الله عليه وسلم: [ أجل كانت أم العيال وربة البيت ] ، فقالت يا رسول الله: ألا أخطب عليك ؟
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ولكن – من بعد خديخة ؟! فذكرت له عائشة بنت أبى بكر فقال الرسول:
لكنها ما تزال صغيره فقالت: تخطبها اليوم ثم تنتظر حتى تنضج.. قال الرسول ولكن من للبيت ومن لبنات الرسول يخدمهن ؟ فقالت خولة: إنها سودة بنت زمعة، وعرض الأمر على سودة ووالدها: فتم الزواج ودخل بها صلى الله عليه وسلم بمكة وهنا تجدر الإشارة إلى أن سودة هذه كانت زوجة للسكران بن عمرو وتوفى عنها زوجها بمكة فلما حلّت تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت أول امرأة تزوجها صلى الله عليه وسلم بعد خديجة ، وكان ذلك في رمضان سنة عشر من النبوة.
وعجب المجتمع المكي لهذا الزواج لأن " سودة " هذه ليست بذات جمال ولا حسب ولا تصلح أن تكون خلفًا لأم المؤمنين خديجة التي كانت عند زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بها جميلة وضيئة وحسيبة، تطمح إليها الأنظار. وهنا أقول للمرجفين الحاقدين: هذه هي الزوجة الأولى للرسول بعد خديجة، فهي مؤمنة هاجرت الهجرة الأولى مع من فرّوا بدينهم إلى الحبشة، وقد قَبِلَ الرسول زواجها حماية لها وجبرًا لخاطرها بعد وفاة زوجها إثر عودتهما من الحبشة. وليس الزواج بها سعارَ شهوة للرسول ولكنه كان جبرًا لخاطر امرأة مؤمنة خرجت مع زوجها من أهل الهجرة الأولى إلى الحبشة، ولما عادا توفى زوجها وتركها امرأة تحتاج هي وبنوها إلى من يرعاهم. الزوجة الثانية بعد خديجة: عائشة بنت أبى بكر الذي يقول عنه الرسول صلى الله عليه وسلم:
(( إن من آمن الناس علىّ في ماله وصحبته أبا بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوة الإسلام)). ومعروف من هو أبو بكر الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم متحدثاً عن عطائه للدعوة: (( ما نفعني مالٌ قط ما نفعني مال أبى بكر )).
وأم عائشة هي أم رومان بنت عامر الكناني من الصحابيات الجليلات، ولما توفيت نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبرها واستغفر لها وقال: (( اللهم لم يخف عليك ما لقيت أم رومان فيك وفى رسولك صلى الله عليه وسلم )).
وقال عنها يوم وفاتها: (( من سرّه أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان )).
ولم يدهش مكة نبأ المصاهرة بين أعز صاحبين ؛ بل استقبلته كما تستقبل أمرًا متوقعاً ؛ ولذا لم يجد أي رجل من المشركين في هذا الزواج أي مطعن - وهم الذين لم يتركوا مجالاً للطعن إلا سلكوه ولو كان زورًا وافتراء. وتجدر الإشارة هنا إلى أن زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بفتاة بينه وبينها قرابة خمسين عامًا ليس بدعا ولا غريبًا لأن هذا الأمر كان مألوفًا في ذلك المجتمع، لكن المستشرقين ومن تحمل قلوبهم الحقد من بعض أهل الكتاب - على محمد صلى الله عليه وسلم - جعلوا من هذا الزواج اتهامًا للرسول وتشهيرًا به بأنه رجل شهوانى، غافلين بل عامدين إلى تجاهل ما كان واقعًا في ذلك المجتمع من زواج الكبار بالصغيرات كما في هذه النماذج: - فقد تزوج عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم من هالة بنت عم آمنة التي تزوجها أصغر أبنائه عبد الله ـ والد الرسول صلى الله عليه وسلم. - وتزوج عمر بن الخطاب ابنة على بن أبى طالب وهو أكبر سنًّا من أبيها. ـ وعرض عمر على أبى بكر أن يتزوج ابنته الشابة ( حفصة ) وبينهما من فارق السن مثل الذي بين المصطفى صلى الله عليه وسلم وبين " عائشة " (1). كان هذا واقع المجتمع الذي تزوج فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بعائشة، لكن المستشرقين والممتلئة قلوبهم حقدًا من بعض أهل الكتاب لم ترَ أعينهم إلا زواج محمد بعائشة والتي جعلوها حدث الأحداث - على حد مقولاتهم - أن يتزوج الرجل الكهل بالطفلة الغريرة العذراء(2).
قاتل الله الهوى حين يعمى الأبصار والبصائر!
الزوجة الثالثة: حفصة بنت عمر الأرملة الشابة:
توفى عنها زوجها حنيس بن حذافة السهمي وهو صحابي جليل من أصحاب الهجرتين - إلى الحبشة ثم إلى المدينة - ذلك بعد جراحة أصابته في غزوة أُحد حيث فارق الحياة، وأصبحت حفصة بنت عمر بن الخطاب أرملة وهى شابة. وكان ترمّلها مثار ألم دائم لأبيها عمر بن الخطاب الذي كان يحزنه أن يرى جمال ابنته وحيويتها تخبو يومًا بعد يوم..
وبمشاعر الأبوة الحانية وطبيعة المجتمع الذي لا يتردد فيه الرجل من أن يخطب لابنته من يراه أهلاً لها..
بهذه المشاعر تحدث عمر إلى الصديق " أبى بكر " يعرض عليه الزواج من حفصة، لكن أبا بكر يلتزم الصمت ولا يرد بالإيجاب أو بالسلب. فيتركه عمر ويمضى إلى ذي النورين عثمان بن عفان فيعرض عليه الزواج من حفصة فيفاجئه عثمان بالرفض..
فتضيق به الدنيا ويمضى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يخبره بما حدث فيكون رد الرسول صلى الله عليه وسلم عليه هو قوله: (( يتزوج حفصةَ خيرٌ من عثمان ويتزوج عثمان خيرًا من حفصة )) (3).
وأدركها عمر - رضي الله عنه - بفطرته إذ معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما استشعره عمر هو أن من سيتزوج ابنته حفصة هو الرسول نفسه، وسيتزوج عثمان إحدى بنات الرسول صلى الله عليه وسلم. وانطلق عمر إلى حفصة والدنيا لا تكاد تسعه من الفرحة وارتياح القلب، إلى أن الله قد فرّج كرب ابنته.
الزوجة الرابعة: أم سلمة بنت زاد الراكب:
من المهاجرين الأولين إلى الحبشة وكان زوجها (أبو سلمة) عبد الله ابن عبد الأسد المخزومي أول من هاجر إلى يثرب (المدينة) من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، جاءت إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم كزوجة بعد وفاة ( أم المساكين زينب بنت خزيمة الهلالية) بزمن غير قصير. سليلة بيت كريم، فأبوها أحد أجواد قريش المعروفين بلقب زاد الراكب ؛ إذ كان لا يرافقه أحد في سفر إلا كفاه زاده.
وزوجها الذى مات عنها صحابي من بني مخزوم، ابن عمة المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة، ذو الهجرتين إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وكانت هى وزوجها من السابقين إلى الإسلام، وكانت هجرتهما إلى المدينة معًا، وقد حدث لها ولطفلها أحداث أليمة ومثيرة ذكرتها كتب السير، رضي الله عن أم سلمة..
ولا نامت أعين المرجفين.
الزوجة الخامسة: زينب بنت جحش:
لم أرَ امرأة قط خيرًا في الدين من زينب، وأتقى لله وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد تبديلا إلا لنفسها في العمل الذى تتصدق وتتقرب به إلى الله عز وجل ؟ (4).
هكذا تحدثت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها– عن " ضرّتها " زينب بنت جحش، أما المبطلون الحاقدون من بعض أهل الكتاب فقالوا: أُعْجِب محمد صلى الله عليه وسلم ـ وحاشاه - بزوجة متبناه " زيد بن حارثة " فطلقها منه وتزوجها.
ويرد الدكتور هيكل في كتابه " حياة محمد " (5) صلى الله عليه وسلم على هذا فيقول: إنها شهوة التبشير المكشوف، تارة والتبشير باسم العلم تارة أخرى، والخصومة القديمة للإسلام تأصلت في النفوس منذ الحروب الصليبية هى التي تملي على هؤلاء جميعًا ما يكتبون.
والحق الذى كنا نود أن يلتفت إليه المبطلون الحاقدون على الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم، هو أن زواج محمد صلى الله عليه وسلم من زوجة ابنه بالتبني زيد بن حارثة إنما كان لحكمة تشريعية أرادها الإسلام لإبطال هذه العادة ـ عادة التبني ـ التي هى في الحقيقة تزييف لحقائق الأمور، كان لها في واقع الناس والحياة آثار غير حميدة.
ولأن هذه العادة كانت قد تأصلت في مجتمع الجاهلية اختارت السماء بيت النبوة، بل نبي الرسالة الخاتمة نفسه صلى الله عليه وسلم ليتم على يديه وفى بيته الإعلان العلمي عن إبطال هذه العادة.
وتجدر الإشارة هنا إلى مجموعة الآيات القرآنية التي جاءت إعلاناً عن هذا الحكم المخالف لعادات الجاهلية، وتفسيرًا للتشريع الجديد في هذه ـ المسألة وفى موضوع الزواج بزينب حيث تقول: ((مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)) (الأحزاب:40).
(( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ )) (الأحزاب:5).
(( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً )) (الأحزاب:37). مرة أخرى نذكر بأن زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من زينب لم تكن وراءه أبدًا شهوة أو رغبة جنسية وإنما كان أمرًا من قدر الله وإرادته لإبطال عادة التبني من خلال تشريع يتردد صداه بأقوى قوة في المجتمع الجاهلي الذى كانت عادة التبني أصلاً من أصوله وتقليدًا مستقرًا فيه، فكان السبيل لأبطالها أن يتم التغيير في بيت النبوة وعلى يد الرسول نفسه صلى الله عليه وسلم. وقد فطنت السيدة " زينب بنت جحش " نفسها إلى هذا الأمر فكانت تباهى به ضراتها وتقول له: ( زوجكن أهاليكن وزوجني ربى من فوق سبع سمَوات )). أما لماذا كان زيد بن حارثة نفسه يتردد على الرسول معربًا عن رغبته فى تطليق زينب ؛ فلم يكن - كما زعم المرجفون - أنه شعر أن الرسول يرغب فيها فأراد أن يتنازل عنها له..
ولكن لأن حياته معها لم تكن على الوفاق أو التواد المرغوب فيه ؛ ذلك أن زينب بنت جحش لم تنس أبدًا ـ وهى الحسيبة الشريفة والجميلة أيضًا أنها أصبحت زوجًا لرجل كان رقيقًا عند بعض أهلها وأنه ـ عند الزواج بها ـ كان مولىً للرسول صلى الله عليه وسلم أعتقه بعد ما اشتراه ممن أسره من قريش وباعه بمكة.
فهو ـ وإن تبناه محمد وبات يسمى زيد بن محمد في عرف المجتمع المكي كله، لكنه عند العروس الحسيبة الشريفة والجميلة أيضا ما زال ـ كما كان بالأمس - الأسير الرقيق الذى لا يمثل حُلم من تكون في مثل حالها من الحسب والجمال وليس هذا بغريب بل إنه من طبائع الأشياء.
ومن ثم لم تتوهج سعادتها بهذا الزواج، وانعكس الحال على زيد بن حارثة فانطفأ في نفسه توهج السعادة هو الآخر، وبات مهيأ النفس لفراقها، بل لقد ذهب زيد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يشكو زينب إليه كما جاء في البخاري من حديث أنس قال: جاء زيد يشكو إلى الرسول فجعل صلى الله عليه وسلم يقول له: (( أمسك عليك زوجك واتق الله )) .
قال أنس: لو كان النبي كاتمًا شيئًا لكتم هذا الحديث. لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول له كما حكته الآية: أمسك عليك زوجك ولا تسارع بتطليقها.
وزينب بنت جحش هى بنت عمة الرسول صلى الله عليه وسلم - كما سبقت الإشارة – وهو الذى زوجها لمولاه " زيد "، ولو كانت به رغبة فيها لاختارها لنفسه ؛ وخاصة أنه رآها كثيراً قبل فرض الحجاب، وكان النساء في المجتمع الجاهلي غير محجبات فما كان يمنعه – إذًا – من أن يتزوجها من البداية ؟! ؛ ولكنه لم يفعل.
فالأمر كله ليس من عمل الإرادة البشرية لهم جميعًا: لا لزينب ولا لزيد ولا لمحمد صلى الله عليه وسلم ، ولكنه أمر قدري شاءته إرادة الله لإعلان حكم وتشريع جديدين في قضية إبطال عادة " التبني " التي كانت سائدة في المجتمع آنذاك. يؤكد هذا ويدل عليه مجموع الآيات الكريمة التي تعلقت بالموضوع في سورة الأحزاب.
أما الجملة التي وردت في قوله تعالى: (( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ)) (الأحزاب:37).
فإن ما أخفاه النبي صلى الله عليه وسلم هو كتم ما كان الله قد أخبره به من أن زينب ـ يومًا ما ـ ستكون زوجًا له؛ لكنه لم يصرح به خشية أن يقول الناس: إنه تزوج زوجة ابنه بالتبني (12). | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| |
| |
محمد القناوى مدير اداره
عدد الرسائل : 50 العمر : 43 الموقع : www.lovestory.oneggo.us تاريخ التسجيل : 27/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول السبت مارس 08, 2008 11:03 pm | |
| ما قدريتش غير انى اسيب لوحة المفاتيح واقف اسقف ليكى بجد على المجهود الرائع ده يا هبه | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول السبت مارس 08, 2008 11:45 pm | |
| ربنا يخليك يامحمد على تشجيعك الجميل
وشكرا على مرورك وردك الكريم
دمت بكل خير وود | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول الأحد مارس 09, 2008 12:04 am | |
| تعلّم محمد صلى الله عليه وسلم من غيره
الكاتب: أ.د محمود حمدي زقزوق
الرد على الشبهة:
وهى من أسوأ المفتريات على محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال ربه عز وجل عنه: (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)) (النجم:3،4 ) (1).
لكن الحقد حين يتمكن من قلوب الحاقدين يدفعهم إلى المنكر من القول ومن الزور، حتى إنهم ليتجرؤون على قولٍ لا يقبله عقل عاقل، ولا يجرؤ على مثله إلا المفترون.
في هذه المقولة زعموا أنه حين كان ينزل عليه الوحي بالآيات التي أثبت العلم الحديث المعاصر أنها من أبرز آيات الإعجاز العلمي في القرآن فيما تتصل بمراحل خلق الإنسان من سلالة من طين، ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلّقة وغير مخلقة، ثم يكون إنشاؤه خلقًا آخر. زعموا أن كاتب وحيه قال مادحًا مَنْ هذا خلقه: ((فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)) ( المؤمنون:14) (2).
ثم أفرطوا في زعمهم فقالوا إن محمدًا صلى الله عليه وسلم قال له: اكتبها فهكذا نزلت علىّ.. ؟! وهنا لابد من وقفة:
فأولاً: مما هو ثابت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي يأخذ العرق يتصبب من جسده ويكون في غيبة عمن حوله، فإذا انقضى الوحي أخذ في ذكر وتلاوة ما نزل عليه من القرآن، وهذا ما تقرره كل كتب السيرة.
ثانياً: معنى ما سبق أنه صلى الله عليه وسلم لا يأخذ في الإملاء على كاتب وحيه إلا بعد اكتمال نزول الوحي، واكتمال نزول الآيات المتعلقة بمراحل خلق الإنسان في سورة " المؤمنون ".
ثالثًا: وبهذا يتضح كذب المقولة أن كاتب وحيه صلى الله عليه وسلم هو الذي أملاها عليه، وأنه أمر بإثباتها.
رابعًا: أن لفظة " تبارك الله " تكررت في القرآن الكريم تسع مرات، تلتقي جميعها في مواضع يكون الحديث فيها عن قدرة الخالق فيما خلق من مثل قوله تعالى:
(( أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) (الأعراف:54)(3). ((تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً))(الفرقان: 1) (4).
((تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً)) (الفرقان:61 )(5).
((وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا)) (الزخرف:85) (6). ((تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (الملك: 1)(7). فلماذا تعلم محمد صلى الله عليه وسلم من كاتب وحيه آية " المؤمنون " دون غيرها مما جاء في بقية السور ؟!!
(1) النجم: 3ـ4
(2) المؤمنون: 14
(3) الأعراف: 55
(4) الفرقان: 1.
(5) الفرقان: 61.
(6)الزخرف: 85.
(7) الملك: 1. | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول الأحد مارس 09, 2008 12:12 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
تقييم دقيق لحادثة الراهب بحيرى
عبد الستار غوري
ترجمة الأخت / مسلمة
لم يدع نبي الإسلام أبداً أن تعاليمه هي نتاج فكره الخاص. وقد دافع عنه القرآن الكريم في الآية الكريمة (( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ )) (الشورى 52،53)
وأما الشبهة التي تُثار حول تعاليمه صلى الله عليه وسلم ، وهي أن مصدرها الديانة اليهودية والنصرانية ، فإن من الجدير بالذكر أن مصادر تلك الأديان السماوية واحد وهو الوحي الإلهي ، وأن هناك وحدة في هدف تلك الأديان وهو إرشاد البشرية، لم يدّع نبي الإسلام أبداً أن ما جاء به هو دين فريد في نوعه، وقد وضح القرآن الكريم هذه الحقيقة: (( قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ)) (الأحقاف: 9).
إن التشابه في بعض الأمور الدينية بين الأديان السماوية الثلاث ناتج عن وحدة المصدر، ومن المتعذر أن يكون نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم قد اقتبس تعاليمه من الإنجيل، وقد اعترف بعض المستشرقين بذلك، فقد قال البروفيسور مونتجمري واط: ( (....) إن من المستبعد أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم قد قرأ الكتب الدينية اليهودية أو النصرانية [ص39] (....) ومن الأرجح أنه لم يقرأ أي كتاب آخر) .
وقد شاركه ج.س.هجسن نفس الرأي بقوله: ( إن قاعدة نبوة محمد من ناحية مبدئية هي نفس تجربة وأعمال أنبياء بني إسرائيل، لكنه لم يعرف شيئاً عنهم بشكل مباشر، ومن الواضح أن تجربته كانت خاصة )
إن الإسلام طريقة حياة أوحى به الله من خلال نبيه لإرشاد البشرية جمعاء على مدى العصور والأزمان، وقد حافظ دائماً على تعاليمه وأهدافه، فالله واحد وهو خالق وقيوم كل شيء ، لا شبيه ولا شريك له ، ويوم القيامة آت لا شك فيه ، كما وإن الجريمة والزنا والكذب والسرقة والقسوة...الخ كلها ذنوب قد تعرض مرتكبها للعقاب، أما الرحمة والصدق وإخراج الزكاة وخدمة جميع الكائنات والرفاهية الاجتماعية والفضائل فقد كانت حقيقة منذ مئات آلاف السنين، وما زالت حقيقة إلى يومنا هذا وستبقى حقيقة عبر القرون القادمة، فكيف تكون تعاليم نبي مختلفة عن تعاليم نبي آخر مع وجود فترة زمنية بينهما قد تبلغ مئات بل آلاف السنين؟ وكذلك الحال بالنسبة للأحداث التاريخية، ما عدا إحداث بعض التغيير فيها من خلال انعدام المسؤولية أو الإهمال في توخي الدقة وقت تدوينها، من المهم معرفة تلك الحقيقة، ومن واجب المستشرقين تعريف الجميع بها، يقول القرآن الكريم: (( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ )) (الشورى 13).
كان نبي الإسلام أُمياً لا يعرف القراءة ولا الكتابة ، ولم يكن لديه أي اتصال بأي مسئول ديني، كما لم تتوفر لديه فرصة لتلقي العلم من أحدهم، هناك حديث يروي أنه سافر ضمن قافلة تجارية مع عمه وولي أمره أبي طالب عندما كان في التاسعة أو في الثانية عشرة من عمره، وقد توقفت القافلة في بصرى، وكان هناك راهب يعيش في صومعة وقد تعرف على محمد صلى الله عليه وسلم على أنه رسول رب العالمين. وعندما سُئل عن سبب ذلك، قال إن كل شجرة وصخرة قد ركعت له، وأن ذلك لم يحدث إلا للأنبياء، وقد أعاده أبو طالب إلى مكة المكرمة مع أبي بكر وبلال بناء على نصيحة بحيرا، لم يألوا المستشرقين جهداً في إثارة الشبهة حول تلك الحادثة، والادعاء بأن نبي الإسلام قد اقتبس دينه من ذلك الراهب، لقد تركوا ثقافتهم وموضوعيتهم ودراستهم التحليلية ومستوى بحوثهم العالي الذي عُرفوا به وجعلوا من الحبة قُبة .
لقد روُي ذلك الحديث بواسطة سلسلة من رواة مختلفين (إسناد)، وفي مجموعات مختلفة، وأقوى تلك الروايات رواية الترمذي، وجميع الروايات الأخرى موضوعة بحيث أن لا أحد ممن جمعوا الأحاديث أعطاها أي اهتمام.
وهذه سلسلة رواة الحديث كما رواه الترمذي :-
روى الترمذي عن الفضل ابن سهل، عن عبد الرحمن ابن غزوان—عن يونس بن أبي اسحق – عن أبي بكر ابن أبي موسى عن أبيه [أبي موسى الأشعري] أنه قال : (( ذهب أبو طالب إلى بلاد الشام....الخ))
قام العلامة شبلي نُعماني: ومن بعده تلميذه العلامة ش.سليمان ندفي بإجراء دراسة تحليلية لحادثة بحيرا في كتابهم " سيرة النبي صلى الله عليه وسلم" (7 مجلدات) باللغة الأردية ، وهذه خلاصة ملاحظاتهم التي وردت في المجلد الأول ( للشلبي)، والمجلد الثالث ( لسليمان نفدي) : -
مع أن أحد الرواة – عبد الرحمن ابن غزوان – قد حصل على اعتراف من نُقاد علم أسماء الرجال (علم مصداقية رواة الأحاديث)، لكن آخرين قد وجهوا له التهم.
يقول العلامة الذهبي في كتابه: " ميزان الاعتدال " أن عبد الرحمن يروي الأحاديث الضعيفة ، وأكثر تلك الأحاديث الغير مقبولة هو الحديث المتعلق بحادثة بحيرا، وكذلك فقد روى حديث المماليك المختلق، يقول حكيم " لقد روى حديثاً غير مقبولٍ عن الإمام الليث" وكتب ابن حبان " لقد ارتكب أخطاءً" ، إن عبد الرحمن هذا قد روى ذلك الحديث من يونس ابن اسحق، ورغم أن بعض النقاد قد أيدوا يونس لكنه يعتبر بشكل عام ضعيفاً وغير موثوق به، يقول يحيى: لقد كان مهمِلاً، واتهمه شُعبة بالغش، أما الإمام أحمد فقد صنف روايته بشكل عام على أنها غير موثوقة ولا قيمة لها، نقل يونس هذا روايته عن أبي بكر الذي بدوره روى عن أبيه أبي موسى الأشعري، لكن ليس مؤكداً إن كان قد سمع الحديث من أبيه مباشرة ، ورفض الإمام أحمد ابن حنبل تماماً سماع أبي بكر عن أبيه، مما جعل ابن سعد يصنف حديثه على أنه ضعيف، وبذلك فإن بالإمكان تصنيف الحديث على أنه منقطع ( أي انقطاع سلسلة الرواة).
وبعد هذا الموجز عن سلسلة رواة ذلك الحديث من كتاب سيرة النبي، فإننا سنجري دراسة تفصيلية للرواة ، فعلينا أولاً أن نعطي وصفاً للراوي الأول أبي موسى الأشعري الذي كان أحد صحابة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، قال عنه ابن الأسير:
قالت جماعة من علماء الوراثة والسيرة الذاتية أن أبي موسى ذهب إلى مكة ، وتحالف مع سعيد ابن العاص ثم عاد إلى قبيلته، وبعد ذلك [بعد ليس أقل من 10-15 سنة] ذهب إلى مكة مع إخوته، وتزامنت رحلته مع عودة المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة زمن فتح خيبر، يُقال أن الرياح قادت سفينتهم إلى أرض النجاشي ، حيث عاشوا لبعض الوقت. ثم انضموا إلى المهاجرين أثناء عودتهم من الحبشة إلى المدينة.
توفي أبو موسى ما بين عام 42-53 هجرية عن عمر ناهز 63 عاماً.
جمع حافظ شمس الدين محمد ابن أحمد ابن أسامة الذهبي معلومات مفصلة عن أبي موسى فقال: -
روي أن أبا موسى توفي عام 42 هـ.
يروي أبو أحمد الحكيم أنه توفي عام 42 هـ .
وفي رواية أخرى أنه توفي عام 43 هـ .
روى أبو نعيم أبو بكر ابن أبي شيبة ، ابن نمير وقعنب ابن المحرر أنه توفي عام 44 هـ .
أما الواقدي فإنه يقول إنه توفي عام 52 هـ ويقول المدائني " في عام 53 بعد المغيرة "
وذُكر في طبقات القرى " الحقيقة هي أن أبا موسى توفي في شهر ذي الحجة من عام 44 "
وقد سُجلت معلومات أخرى مشابهة من قبل المؤرخين :-
( أ ) ابن حجر العسقلاني
( ب ) ابن سعد
يتضح من ذلك أن :-
1- أبا موسى الأشعري قد توفي عن عمر ناهز 63
2- أنه توفي ما بين عام 42 – 53 هـ والأرجح أنه توفي عام 44 كما ذُكر الذهبي أعلاه.
3- إذا كان قد توفي عام 42 هـ فإنه يكون قد ولد عندما كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم 32 عاماً أي من 20 – 23 عاماً بعد حادثة بحيرا.
4- لا يمكن بحال من الأحوال اعتبار أبي موسى الأشعري شاهد عيان للحادثة التي حدثت قبل ميلاده بمدة 20 – 34 عاماً وقبل 30 – 40 عاماً قبل بلوغه حيث أن درجة فهمه وتذكره لمثل تلك الحادثة تكون ضعيفة.
وحتى ولو لم يكن أبي موسى شاهد عيان فإن من الممكن قبول روايته لو أنه قال منذ البداية أنه سمع الحادثة من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، أو من أحد صحابته الذين سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه.
وفي غياب مثل تلك الرابطة فإن سلسلة الرواية تعتبر مقطوعة، ويعتبر مثل ذلك الحديث "مرسل" أي تصنيفه ضعيف، وحتى لو أننا تجاهلنا تلك النقطة فإن لسلسلة الرواية عيوباً جدية أخرى تحول دون قبولها، فإن أبو بكر يروي الحديث عن أبيه أبي موسى الأشعري، ولا يوجد دليل واحد على أنه سمع حديثاً عن أبيه وذلك لأنه توفي عام 106 هـ، بينما توفي والده أبو موسى الأشعري عام 42 هـ عن عمر ناهز 63 عاماً كما روى الإمام شمس الدين الذهبي ، كما نورد هنا " يروي ابن سعد عن هيثم ابن عدي أنه مات عام 42 هـ أو لاحقاً..."
وهذا يعني أنه عاش 64 عاماً أو نحوها بعد وفاة أبيه مما يجعله لم يكن إلا صبياً وقتها.
وقد رفض الإمام أحمد ابن حنبل رفضاً قاطعاً إمكانية قبول روايته.
ويعتبره ابن سعد كاذباً ولا يؤخذ بقوله.
يقول الحافظ يوسف المزي أن اسمه كان إما عمار أو عامر. ويضيف : -
إنه روى الأحاديث عن: الأسود ابن هلال، البراء ابن عازب، جابر ابن سمره، عبد الله ابن عباس، علي ابن أبي طالب ومما قيل عنه خطأً عن أبيه أبي موسى الأشعري.
لقد نُقل الحديث من أبي بكر إلى يونس ابن إسحق. وكما ذكرنا فإنه ضعيف ولا يُعتمد عليه ومهمل بل وحتى ملفق. يقول أبو حكيم إنه غالباً ما يشعر بالحيرة والإحساس بالهذيان إزاء روايته. رغم أن بعض النقاد أيدوا وحتى قبلوا روايته إلا أن معظمهم يعتبرونه غير موثوق به. لقد جمع حافظ مِزّي معلومات مفصلة نوعاً ما عنه ، وأرى أن إلقاء الضوء على بعضها ضرورياً :-
يروي صالح ابن أحمد ابن حنبل المديني أنه كان يستمع إلى يحيى. وأنه قال عندما ذُكر يونس ابن إسحق: " كان الإهمال وعدم الاهتمام صفة متأصلة في شخصه ". يستشهد بُندار بقول سَلم ابن قتيبة "جئت من الكوفة، وقد سألني شعبة عمن رأيت هناك، فقلت رأيت فلاناً وفلاناً، وقابلت أيضاً يونس ابن اسحق، ثم سألني وأي حديث نقل إليك، فرويت له ما سمعت، فسكت برهة قلتُ له أن يونس قال " قال لي بكر ابن ماعز" فقال شعبة " ألم يقل أن عبد الله ابن مسعود روى له ؟ (وكان ذلك مستحيلاً وبوضوح نظراً للفارق الزمني بينهما، وهذا يعني أن شعبة ينظر إليه على أنه مبتدع) ، يقول أبو بكر الأثرم سمعت أبا عبد الله عندما ذُكر اسم يونس ابن أبي اسحق يصنف روايته عن أبيه بأنها غير موثوقة. لقد أخبر أبو طالب أحمد ابن حنبل أن هناك إضافات على روايات الأشخاص في حديث يونس ابن اسحق. سمع ابنه إسرائيل ذلك ودَوّنه من أبي اسحق ، لكن لا يوجد أية إضافات كإضافات يونس. قال عبد الله ابن أحمد ابن حنبل " لقد سألت أبي عن يونس ابن أبي اسحق فأجاب أن رواياته ضعيفة ومشوشة (...) وأنه كذا وكذا " قال أبو هيثم أنه كان موثوقاً به، لكن أحاديثه يصعب تصديقها واتخاذها دليلاً على شيء. وقال عنه الإمام النسائي بقوله لا ضرر من ورائه (...) توفي عام 159 أو 152 أو 158 والأصح أنه توفي عام 159.
أما الراوي التالي عبد الرحمن ابن غزوان فرغم أن معظم النقاد وضعوه في صف الرواة الأقوياء والموثوق بروايتهم ، إلا أنه لم يسلم من اللّوم فقد قال عنه الإمام مِزّي :-
قال ابن حبان عنه لقد اعتاد ارتكاب الأخطاء، فإن روايته لقصة المماليك عن الليث---عن مالك---عن الزهري---عن عروة---عن عائشة تؤلم وتزعج القلب (العقل)، يقول محمد ابن جرير الطبري أنه توفي عام 207 هـ .
والآن يتبقى فقط الفضل ابن سهل ابن إبراهيم الأعرج، لقد كان راوياً قوياً ، ولكن هناك تحفظات بالنسبة له، يقول الخطيب البغدادي :-
قال لي أحمد ابن سليمان ابن علي المقرئ---أبو سعيد أحمد ابن محمد الملِني---عبد الله ابن عدي---قال "سمعتُ عبدان يقول أنه سمع أبا داود الساجستاني يقول: أنه لم يُحب رواية بعض الأحاديث عن الفضل الأعرج" فسألته عن السبب. فأجاب كيف يمكن أنه لم يفوت منه أي حديث صحيح" . قال ابن عدي أنه سمع أحمد ابن الحسين الصوفي يقول أن الفضل ابن سهل الأعرج كان شخصاً ماكراً كالثعالب ومراوغاً ومخادعاً.
مما يجدر ملاحظته أنه لو أن راوياً واحداً قد وُجه له النقد، أو أن هناك انقطاع في سلسلة رواة الحديث ، أو أن الراوي الأول لم يكن شاهد عين للحادثة ، فإن سلسلة الرواة بأكملها تصبح محل شك ، مما يجعل الرواية أو الحديث غير موثوق به.
بغض النظر عن ذكر أحد في هذا الحديث، فإن معظم الرواة يُعتبرون بطريقة أو بأخرى مجروحين. وثانياً إن سلسلة الرواة تعتبر منقطعة. وأخيراً الراوي الأول ليس شاهد عين للحدث أو طرف فيه.
رغم وجود كل هذه العيوب وكون سلسلة الرواة في حالة مشكوك فيها ، فإن من الغريب أن عالماً باحثاً يتجرأ بل ويستشهد بذلك الحديث ويقدمه كدليل على موضوع هام هو الحادثة التي يتناولها الحديث المذكور على أنها المصدر الرئيسي لتعاليم النبي الدينية ؟
بعد القيام بدراسة خارجية لإسناد الحديث، فإن نصه ومحتوياته يخضعان أيضاً للدراسة وهذا هو نص الحديث:-
سافر أبو طالب مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بلاد الشام بصحبة بعض كبار رجال قريش في قافلة تجارية ، وعندما اقتربوا من الراهب بحيرا ، قرروا التوقف للاستراحة ، فذهب إليهم الراهب رغم أنه لم يكن يفعل ذلك عندما كانوا يمرون في رحلاتهم السابقة ، فهو لم يُعرهم أي اهتمام أبداً، وعندما كانوا يحطون رحالهم مر الراهب من وسطهم ، وتوجه نحو النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمسك بيده وقال "هذا رئيس العالم ، رسول رب العالمين ، وسيُعَينه الله رحمة للعالمين، فسأله كبراء قريش عن سبب قوله ذلك ، فقال "عندما ظهرتم من الممر، فإن كل شجرة وحجر انحنت له، ولم يحدث ذلك لأحد إلا لنبي، وعرفته أيضاً بسبب خاتم النبوة الشبيه بالتفاحة الموجودة أسفل عظم كتفه، ثم عاد وأحضر لهم طعام الغداء، وكان نبي المستقبل مع قطيع الإبل، فأرسل له الراهب طعاماً، عندما حضر نبي المستقبل كانت غمامة تظله، وعندما وصل وجد أن الرجال قد اتخذوا الأماكن الظليلة تحت الشجرة ، فجلس النبي فما كان من ظل الشجرة إلا أن انحنى فوقه، قال الراهب " أنظروا هنا! لقد خضع ظل الشجرة له ، وكان ما يزال واقفاً معهم ، ويطلب منهم عدم أخذ محمد صلى الله عليه وسلم إلى بلاد الروم ، لأنهم سيتعرفون على صفاته ويقتلونه، وفجأة ظهر سبعة أشخاص من الروم، فرحب بهم الراهب وسألهم عن سبب زيارتهم، فأجابوا " بلغنا أن النبي المنتظر سيأتي من مكان إقامته هذا الشهر، ولذلك فقد أُرسل أشخاص إلى كل جهة وأُرسلنا إلى هذه الطريق". فقال الراهب "هل يوجد رئيس لكم من حيث جئتم ؟ أجابوا نعم، وقالوا إن فرقتهم أفضل فرقة مما جعل الرئيس يختارهم لتلك الجهة، فسألهم الراهب" هل فكرتم ؟ هل بإمكان أحد أن يمنع إتمام مهمة قضاها الله ؟ وعندما أجابوا بالنفي حثهم على مبايعة النبي، وبناء على طلبه أخبره الرجال أن أبو طالب هو ولي أمر محمد صلى الله عليه وسلم، ونزولاً على إصراره المتواصل بضرورة أن يعيده أبو طالب إلى مكة مع أبي بكر وبلال [أو أن أبي بكر هو الذي أرسل بلالاً معه ، وهذا لا يبدو نقلاً مناسباً] وزودهم الراهب بزيت وكعك كمئونة للطريق.
| |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول الأحد مارس 09, 2008 12:13 am | |
| عندما يُحلل النص بطريقة نقدية فإن ذلك يكشف عن ثغرات جدية، وها هي بعض الملاحظات:
1- كان الدخول في التعاملات التجارية والذهاب ضمن قوافل تجارية محصوراً على الأشخاص الأثرياء، ولم يحلم أبو طالب أن يكون منهم ، لأنه لم يكن ثرياً أبداً بل إن ثروته كانت ضئيلة لدرجة عدم تمكنه من الإنفاق على أولاده، مما جعل بعض أقاربه يتعاطفون معه ويأخذون على عاتقهم مسؤولية تربية بعض أبنائه، إن قصة الحديث مختلقة ولا يوجد دليل على أن أبا طالب كان له رحلات تجارية إلى أي مكان، كان بائع عطور بسيط، وقد رُوي أنه كان أعرجاً وبذلك يفقد الأهلية للقيام برحلة شاقة كتلك.
2- لو كان بحيرا حقاً عالماً عظيماً وبارعاً لدرجة أن خطط لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن من المفروض أن يوجد له في السجلات النصرانية أدب كثير، ومجلدات عن حياته وأعماله، ولكننا لا نجد عنه شيئاً إلا في أحاديث الدرجة الثالثة في الأدب الإسلامي.
3- اختار بحيرا نبي المستقبل وفي حضور كبار رجال قريش قال إن الصبي سيصبح رئيس العالم المختار، ونبي رب العالمين ورحمة للعالمين، وبذلك يكون رجال قريش شهوداً على تلك الحادثة الغير عادية، وينقلونها إلى أهل مكة عند عودتهم إليها وبذلك تصبح حديث الناس، ومن الطبيعي أنه عندما يحدث شيء يتعلق بنبي المستقبل فإن أولئك الرجال ومن سمع الحادثة منهم سيعودون للحديث عن تلك الحادثة، لقد ظهر محمد في الصباح الباكر في البيت الحرام بعد ذلك ببضعة سنوات، حيث حل النزاع حول وضع الحجر الأسود، وكان من المفروض أن يصيح الناس " لقد وصل رسول رب العالمين، ورئيس جميع المخلوقات، وظهر رحمة العالمين ، ونحن نؤيده ونقبل رأيه ". لكن كتب التاريخ لم تذكر شيئاً من هذا القبيل ، بل تذكر أنهم قالوا "جاء الأمين---الصادق---الخ" ومرة أخرى عندما أعلن النبي المنتظر أنه اختير لأداء المهمة، وكان من المفترض أن يعلن كل من اعتنقوا الإسلام أنهم كانوا يعرفون ذلك وينتظرونه، فإننا نجد أن ذلك لم يحدث.
4- عندما سُئل بحيرا عن سبب معرفته بأن الصبي سيصبح نبياً أجاب بأن جميع الأشجار والحجارة قد ركعت له، ولو كان الأمر كذلك، فإن كل من كانت له صلة به في مكة أو غيرها سيعرف ذلك أيضاً ، فقد كان أمراً غير عادي، وظاهرة غير طبيعية أو مألوفة، وبذلك لا يمكن أن تمر دون أن لا يلاحظها الناس، من الغريب أن رجال القافلة الذين ارتحلوا معها مئات من الأميال لم يلاحظوا الأمر وكان بحيرا فقط هو الذي أدركها، وبناء عليه فإن من المفترض أن علامة النبوة المذكورة تكون موجودة في الإنجيل ، لكن الأمر ليس كذلك مما يجعل الحادثة مختلقة وغير موثوقة.
5- لو أن المستشرقين الذين اتخذوا من تلك الحادثة عاملاً يساعدهم في ادعائهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد تعلم وأخذ تعاليم دينه عن النصرانية من خلال الراهب المذكور، لو أنهم اعتقدوا أن حادثة بحيرا تلك كانت حقيقة وليست خيالاً، ولو أنهم كانوا صادقين في دراساتهم لكان موقفهم تجاه الإسلام مختلفاً تماماً، بينما يكشف موقفهم السلبي الحالي من الإسلام أنهم حقاً لا يعتقدون بصحة ذلك الحديث.
6- لو كان قول أن الأشجار والحجارة ركعت للنبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك لن ينحصر في تلك الحادثة فقط، ويكون مئات الآلاف من الأشخاص قد شاهدوا ذلك في مكة وسواها، لكننا لا نجد حديثاً صحيحاً واحداً يؤيد حدوث ذلك مما يؤكد أن ذلك الحديث موضوع لا أصل له.
كما ويجدر ذكره أن الإسلام قد حرّم الركوع لأحد سوى الله. يقول القرآن الكريم :
(( لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )) (فصلت: 37 )
(( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ )) (الرحمن 6،7)
(( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ )) (الفرقان: 55).
(( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً )) (الفرقان:60).
وقد منع الرسول- صلى الله عليه وسلم- الركوع أمام أحد سوى الله، كما مُنع ذلك في الإنجيل: ( لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض، لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأني أنا الرب إلهك إله غيور، أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي ) الخروج 20 : 4-6 وبذلك يتضح عدم جواز الركوع لغير الله في أية حالة.
7- بالنسبة " لخاتم النبوة " فإنه لا يوجد له دليل واضح في الإنجيل ، ولو كان لهذه العلامة أي ذكر فيه، ولو وُجدت تلك العلامة حقاً على ظهره الشريف، كما جاء في الحديث على لسان الراهب، فإنه لا يوجد أي تبرير لغياب تأييد كبار قريش لتصديق دعوى محمد صلى الله عليه وسلم بأنه رسول الله، وبالتالي قبول دينه على أنه دين الحق، رغم وجود كتلة سوداء شبيهة بالغدة أعلى ظهره (تحت عظام الكتف)، إلا أنه لم يدّع أبداً أنها علامة نبوته، مع أنه كان بإمكانه إبرازها كدليل على صدق دعواه[1] ، وهذا يدل على عدم أهميتها كعلامة إعجازية، وبذلك تسقط مصداقية الحديث.
8- لو لم تكن تلك الحادثة مختلقة من قبل راوٍ ساذج أو أصدقاء مغفلين أو بعض أعداء الإسلام، لعرضها النبي صلى الله عليه وسلم كدليل واضح على صدق نبوته، ولكان من الصعب على الكفار رفض دليل واضح عليها كعلامة ختم النبوة.
9- وتنطبق الملاحظات السابقة على حادثة تظليل السحابة لنبي الإسلام.
10- كما أنها تنطبق على حادثة مَدّ الشجرة لظلها نحوه.
11- لقد حثهم الراهب على عدم أخذ الصبي إلى بلاد الروم ، لأنه لدى رؤيته له تعرّف على علامات النبوة التي ستجعلهم يقتلونه، وهذا يعني أن علامات نبوة النبي المنتظر كانت من الوضوح في الإنجيل بحيث لا يمكن أن تفوت عن أنظار كبار الروم، هل يتفق المستشرقون مع ملاحظات الراهب ؟ وإن كان الأمر كذلك فما مدى استعدادهم لقبول مصداقية نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ هل يعتقد أولئك أن العلامات لصالح نبي الإسلام حقاً موجودة في الإنجيل بوضوح بحيث أن مجرد رؤيته تجعل العالِم يتعرف عليه كما ظن الراهب ؟
12- أما عن مجموعة الرجال السبعة الروم الذين قالوا إن النبي المنتظر كان سيخرج من بلده ذلك الشهر، فإن المرء يتساءل عن مصدر علمهم ذلك، فبالنسبة للإنجيل لا يوجد شيء فيه من هذا القبيل، ومن الغريب أن يكون المستشرقون قد اختاروا بناء قصرهم بدون أي أساس وعلى أرضية مزيفة، مما يجعله قابلاً للسقوط بمجرد ضربة واحدة من قبل ناقد موضوعي.
13- لو كانت الحادثة حقيقية لما تردد كبار قريش وخاصة أبو طالب في اعتناق الإسلام فور إعلان النبي صلى الله عليه وسلم لرسالته.
14- لو كان في الرواية أي جزء من حقيقة لامتلأت كتب الأدب الديني الإسلامي بوصف مراحل حياة ذلك الراهب المختلفة، لكننا لا نجد له أثراً فيها.
15- يقول الفصل الأخير من الحديث أنه وبناء على إصرار من الراهب فإن أبا طالب أعاد الصبي مع أبي بكر وبلال، وهذا دليل واضح على أن القصة مختلقة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن أكبر من أبا بكر رضي الله عنه إلا بعامين أو ثلاثة، فلو كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ 9 سنوات ، فإن عمر أبا بكر سيكون 6 سنوات، ولو كان عمر نبي المستقبل 12 عاماً لكان عمر أبي بكر 9 أعوام ، هناك مثل فارسي يقول " الكذب لا ذاكرة له ". لقد نسي مؤلف القصة أن أبا بكر كان أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم كما هو مدون في التاريخ.
يروي ابن سعد :-
أخبرنا محمد ابن عمر أنه سمع شعيب ابن طلحة يروي عن ابن أبي بكر الصديق أنه قال " كان بلال تِرباً لي (متساوين في السن). قال محمد ابن عمر " لو كان الأمر كذلك وكان أبو بكر قد توفي حقاً عام 13 هـ عندما كان عمره 63 عاماً ، لكان الفرق بين هذا وبين ما رُوي لنا عن بلال 7 سنين. ويقول شعيب ابن طلحة عن ميلاد بلال: كان في مثل سن أبي بكر.
يروي الحافظ الذهبي الذي يعتبر مصدراً موثوقاً في معرفة أسماء الرجال ملخصاً لحياة أبي بكر فيقول:-
توفي الصديق قبل نهاية شهر جمادى الآخرة بثمانية أيام، عام 13 هـ وكان عمره 63 عاماً.
تُظهر الروايات أعلاه أنه يبدو أن لا منطق في إرسال أبي بكر مع نبي المستقبل لحمايته أثناء رحلة عودته إلى بلده.
16- أما بالنسبة لبلال فمن المحتمل أن لا يكون قد وُلد بعد في ذلك الوقت ، يقول ابن سعد:-
توفي بلال في دمشق ودُفن في باب الصغير عام 20 هـ عن عمر جاوز الستين عاماً، ويُقال أيضاً أنه توفي عام 17 أو 18هـ.
وقد زودنا ابن حجر العسقلاني بمعلومات مماثلة فقال :-
توفي بلال في بلاد الشام عام 17 أو 18 هـ ويقال أيضاً عام 20 هـ عندما جاوز الستين من عمره.
روى شمس الدين الذهبي بعض التقارير عن بلال فقال :-
روى يحيى ابن بكير: توفي بلال في دمشق بمرض الطاعون عام 18 هـ ، وروى محمد ابن إبراهيم التيمي وابن اسحق وأبو عمر الزرير ورواة آخرون أنه توفي في دمشق عام 20 هـ
ذكر الحافظ جمال الدين المزي بعض المعلومات عن بلال فقال :-
ويقول البخاري أنه توفي في بلاد الشام في عهد عمر رضي الله عنه
ويروي أحمد ابن عبد الله ابن البرقي أنه توفي عام 20 هـ
ويقول الواقدي وعمار ابن علي أنه توفي في دمشق عام 20 هـ عن عمر جاوز الستين عاماً.
أستنتج من المراجع والمعلومات العامة أعلاه :-
· تقارب أعمار النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وبلال رضي الله عنهم فقد كانت أعمارهم عند وفاتهم كانت 63 عاماً تقريباً.
· توفي النبي صلى الله عليه وسلم عام 11 هـ
· توفي أبو بكر رضي الله عنه عام 13 هـ بعد عامين وثلاثة أشهر من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
· توفي بلال رضي الله عنه عام 17 أو 18 والأرجح أنها عام 20 هـ أي 6-7 والأرجح 9 سنوات بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
· وبناء عليه فإنه قد لا يكون قد وُلد بعد أو أن عمره كان 1-3 سنوات ، عندما كان عمر الرسول صلى الله عليه وسلم 9 سنوات.
· عندما كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم 12 عاماً كان عمر بلال 5-7 سنوات والأرجح 3 سنوات.
وبذلك نستطيع بسهولة أن نستنتج أنه لا يمكن أن يكون بلال رضي الله عنه قد أُرسل لحماية النبي صلى الله عليه وسلم أثناء رحلة عودته من بصرى إلى بلده.
وهذا يجعل من المستحيل قبول هذا الحديث، ويثبت أنه ملفق لا أصل له. وبذلك يتضح للجميع بطلان الأساس الذي ارتكز عليه المستشرقون في زعمهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد أخذ تعاليمه الدينية عن الراهب النصراني.
قال عبد الرحمن مبارك فوري خلال تفسيره لهذا الحديث في سنن الترمذي :-
لقد اعتبره أئمتنا وهماً وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان عمره 12 عاماً وقتئذٍ ، وكان أبو بكر يصغره بسنتين وربع السنة ، بينما لم يكن بلال قد وُلد بعد في ذلك الوقت، جاء في ميزان الاعتدال أن من الأمور التي تدل على تلفيق هذا الحديث قوله " وأرسله مع أبي بكر وبلال " مع أن بلالاً لم يكن قد وُلد بعد ، وكان أبو بكر ما يزال صبياً.
صنف الذهبي هذا الحديث على أنه ضعيف وغير موثوق نظراً لقوله " وأرسله أبو بكر مع بلال مع أن أبا بكر لم يكن قد اشترى بلالاً بعد ، وبناءً عليه فلا حق له في أن يأمره بأداء أية مهمة (...)
قال الحافظ ابن القيم في كتابه زادا لمعاد(...) عندما بلغ محمد صلى الله عليه وسلم 12 عاماً ذهب مع عمه إلى بلاد الشام، ويقال أيضاً أن عمره كان 9 سنوات وقتذاك (...) وهذا خطأ واضح لأن من الأرجح أن بلالاً لم يكن قد ظهر للوجود بعد ، ولو كان موجوداً لما أمكن أن يكون مع أبي بكر.
يقول الحديث أنه بناءً على إصرار الراهب فقد أعيد النبي المنتظر إلى مكة تحت رعاية أبي بكر وبلال، بحجة أنه لو أُخذ إلى بلاد الروم فإن ذلك سيضع حياته في خطر، وذلك لأن علماء الدين سيتعرفون عليه ويقتلونه، لم يُرسل أبي بكر وبلال معه ليكونوا رفاق طريق ولم تكن رحلة ترفيهية، ومن السخف واستحالة التصديق أن أبا طالب رغم محبته لمحمد أكثر من محبته لأبنائه، أن يتركه في رعاية صبيين أحدهما يصغره بثلاث سنوات، والآخر إما أن لا يكون قد وُلد بعد ( إن كان عمر النبي المنتظر 9 سنوات) أو أنه كان طفلاً رضيعاً عمره سنتين، يصعب تفسير كيف أن المثقفين المستشرقين الذين يُشهد لهم بالقيام ببحوث تستحق التقدير، والذين اختاروا هذا الحديث الواضح تلفيقه، وأقاموا على أساسه قصراً في الهواء، أن تكون أمانيهم هي التي الدافع الذي ألقى بهم في هاوية عالم التعلم هذه .
17 - عندما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم شاباً في سن الخامسة والعشرين، شارك مرة أخرى في رحلة مع قافلة تجارية إلى بلاد الشام لصالح خديجة رضي الله عنها، لو كان يعرف أن أهل تلك البلاد يُكنون له العداوة ، وأنهم بمجرد رؤيته سيتعرفون عليه من خلال علامات نبوته الواضحة لما قام أبداً بتلك الرحلة، لكنه لم يُبد أي تردد في قبول عرض خديجة له في الاتجار لصالحها، ولم يقم أحد بإيذائه وعاد سالماً معافاً بعد قيامه بعمليات تجارية رابحة.
18- من الغريب ملاحظته في هذا الحديث الذي وبالرغم من أنه كله ملفق ، إلا أنه أقوى من جميع الأحاديث التي تناولت حادثة بحيرا ، لكن الراهب لم يخاطب نبي المستقبل مباشرة في أي وقت من الأوقات ، وبإمكان الشخص ملاحظة ذلك من خلال قراءته للحديث ليرى بنفسه تلك الظاهرة الغريبة، لا يوجد في الحديث ضمير غائب بديلاً لمحمد صلى الله عليه وسلم ، لقد استعمل الراهب في كل مرة شخصاً ثالثاً أو ضمير إشارة بدلاً من الصبي، هذا يدل على أن الراهب لم يعتبر أن صبياً أمياً يمكنه أن يفهم ما يقول عنه، ومن الملاحظ أيضاً أن أحداً من رواة ذلك الحديث لم يكن من السخف لدرجة أن يُظهر الراهب وهو يخاطب الصبي بشكل مباشر. لأنهم من الطبيعي أن لا يتصورا أن صبياً في مثل عمره يستحق تلك المحادثة.
وخلاصة القول: إن من المفيد إلقاء نظرة على الملاحظات الحيادية لبعض المستشرقين . يقول جون ب نوس وديفيد س. نوس في كتابهم الشهير " أديان الرجل" :-
(...). إن من الواجب إدراج الحديث الشريف الذي يقول إن محمداً صلى الله عليه وسلم تعلم اليهودية والنصرانية خلال رحلاته مع القافلة التجارية المتجهة للشام، وكانت الأولى بصحبة عمه أبي طالب عندما كان في سن الثانية عشرة، والثانية عندما كان عمره 25 عاماً كموظف لخديجة التي تزوجها فيما بعد، على أنه حديث غير مقبول.
ويقول توماس كارلايل :-
لا أعرف ماذا أقول بشأن سيرجيوس [ بَحيرا أو بُحيرا، مهما كان اللفظ، وقد أُطلق عليه أيضاً اسم سرجيوس] ، الراهب النسطوري الذي قيل إنه تحادث مع أبي طالب، أو كم من الممكن أن يكون أي راهب قد علم صبياً في مثل تلك السن، لكنني أعرف أن حديث الراهب النسطوري مبالغ فيه بشكل كبير، فقد كان عمر محمد صلى الله عليه وسلم 14 عاماً [كان إما 9 أو 12 عاماً على أكثر تقدير] ولم يعرف لغةً غير لغته ، وكان معظم ما في الشام غريباً وغير مفهوم بالنسبة له.
نستنتج من متابعة التعليل أعلاه أن دعوى أولئك العلماء في أن نبي الإسلام قد أخذ تعاليم دينه من بعض علماء الإنجيل مثل بحيرا لا أساس لها من الصحة، ولم يؤلفوا تلك القصة الغريبة والمستحيلة الحدوث إلا بدافع تمني حدوثه.
إن الدراسة الموضوعية تتطلب جهوداً مستمرة ، وغير مجهزة مسبقاً لتأمين الحقائق بطريقة معقولة وممكن تبريرها وتتسم بالمسئولية.
***ملاحظة المترجمة: قال الكاتب عن خاتم النبوة ما معناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم " لم يدّع أبداً أنها علامة نبوته ، مع أنه كان بإمكانه إبرازها كدليل على صدق دعوته ".
وهذا يعارض ما جاء في صحيح البخاري عن قصة إسلام الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه : " فسلمتُ عليه ، ثم استدرتُ إلى ظهره ، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي ، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته، عرف أني أستثبت في شيء وُصف لي، فألقى رداءه عن ظهره، فنظرتُ إلى الخاتم فعرفتُه، فأكببتُ عليه أقبله وأبكي..."
*** كما أن الكاتب نفى وجود علامة خاتم النبوة في الأناجيل رغم أن سفر الإنشاد 5: 10 يقول " حبيبي أبيض وأحمر، معلم بين ربوة .................وكله مشتهيات..."
لقد ثبت أن كلمة مشتهيات أصلها في النسخة العبرية " محمدم" كما هو موضح هنا :-
"Hikow mamtaqiym wkulow mahamadiym zeh dowdiy wzeh ree`iy bnowt yruushaalaaim."
لذا فإنني أتساءل: إذا كانت " معلم بين ربوة" هذه هي بداية لفقرة انتهت بالحديث عن محمد، أفلا يكون من الطبيعي أنها أيضاً تتحدث عنه ؟
[1] وهذا يعارض ما جاء في صحيح البخاري عن قصة إسلام الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه: ".......فسلمتُ عليه ، ثم استدرتُ إلى ظهره، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته، عرف أني أستثبت في شيء وُصف لي، فألقى رداءه عن ظهره، فنظرتُ إلى الخاتم فعرفتُه ، فأكببتُ عليه أقبله وأبكي..."
*** كما أن الكاتب نفى وجود علامة خاتم النبوة في الأناجيل رغم أن سفر الإنشاد 5 : 10 يقول " حبيبي أبيض وأحمر، معلم بين ربوة .................وكله مشتهيات..."
لقد ثبت أن كلمة مشتهيات أصلها في النسخة العبرية " محمدم" كما هو موضح هنا :-
"Hikow mamtaqiym wkulow mahamadiym zeh dowdiy wzeh ree`iy bnowt yruushaalaaim."
لذا فإنني أتساءل: إذا كانت " معلم بين ربوة" هذه هي بداية لفقرة انتهت بالحديث عن محمدم ، أفلا يكون من الطبيعي أنها أيضاً تتحدث عنه ؟ | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول الأحد مارس 09, 2008 12:17 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم حول عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم وموقف القرآن من العصمةأ.د محمود حمدى زقزوق هناك من لا يعترفون بأن الرسول معصوم عن الخطأ، ويقدمون الأدلة على ذلك بسورة (عبس ) وكذلك عندما جامل الرسول صلى الله عليه وسلم ، زوجاته ، ونزلت الآية الكريمة التى تنهاه عن ذلك (انتهى). الرد على الشبهة:إن عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكذلك عصمة كل الرسل - عليهم السلام - يجب أن تفهم فى نطاق مكانة الرسول.. ومهمة الرسالة.. فالرسول: بشر يُوحَى إليه.. أى أنه - مع بشريته - له خصوصية الاتصال بالسماء ، بواسطة الوحى.. ولذلك فإن هذه المهمة تقتضى صفات يصنعها الله على عينه فيمن يصطفيه ، كى تكون هناك مناسبة بين هذه الصفات وبين هذه المكانة والمهام الخاصة الموكولة إلى صاحبها. والرسول مكلف بتبليغ الرسالة ، والدعوة إليها ، والجهاد فى سبيل إقامتها وتطبيقها.. وله على الناس طاعة هى جزء من طاعة الله - سبحانه وتعالى - (( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ)) (النساء:59) (( قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ)) (آل عمران:32) (( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ)) (النساء:80) (( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ)) (آل عمران:31) ولذلك كانت عصمة الرسل فيما يبلغونه عن الله ضرورة من ضرورات صدقهم والثقة في هذا البلاغ الإلهي الذي اختيروا ليقوموا به بين الناس.. وبداهة العقل - فضلاً عن النقل - تحكم بأن مُرْسِل الرسالة إذا لم يتخير الرسول الذي يضفى الصدق على رسالته ، كان عابثًا.. وهو ما يستحيل على الله ، الذي يصطفى من الناس رسلاً تؤهلهم العصمة لإضفاء الثقة والصدق على البلاغ الإلهي.. والحُجة على الناس بصدق هذا الذي يبلغون. وفى التعبير عن إجماع الأمة على ضرورة العصمة للرسول فيما يبلغ عن الله ، يقول الإمام محمد عبده عن عصمة الرسل - كل الرسل -: ".. ومن لوازم ذلك بالضرورة: وجوب الاعتقاد بعلو فطرتهم ، وصحة عقولهم ، وصدقهم في أقوالهم ، وأمانتهم في تبليغ ما عهد إليهم أن يبلغوه، وعصمتهم من كل ما يشوه السيرة البشرية ، وسلامة أبدانهم مما تنبو عنه الأبصار وتنفر منه الأذواق السليمة، وأنهم منزهون عما يضاد شيئًا من هذه الصفات ، وأن أرواحهم ممدودة من الجلال الإلهي بما لا يمكن معه لنفس إنسانية أن تسطو عليها سطوة روحانية.. إن من حكمة الصانع الحكيم - الذي أقام الإنسان على قاعدة الإرشاد والتعليم - أن يجعل من مراتب الأنفس البشرية مرتبة يُعدُّ لها ، بمحض فضله ، بعض مَنْ يصطفيه من خلقه ، وهو أعلم حيث يجعل رسالته ، يميزهم بالفطرة السليمة ، ويبلغ بأرواحهم من الكمال ما يليقون معه للاستشراق بأنوار علمه ، والأمانة على مكنون سره ، مما لو انكشف لغيرهم انكشافه لهم لفاضت له نفسه ، أو ذهبت بعقله جلالته وعظمته ، فيشرفون على الغيب بإذنه ، ويعلمون ما سيكون من شأن الناس فيه ، ويكونون في مراتبهم العلوية على نسبة من العالمين ، نهاية الشاهد وبداية الغائب ، فهم في الدنيا كأنهم ليسو من أهلها ، هم وفد الآخرة في لباس من ليس من سكانها.. أما فيما عدا ذلك - [ أي الاتصال بالسماء والتبليغ عنها ] - فهم بشر يعتريهم ما يعترى سائر أفراده ، يأكلون ويشربون وينامون ويسهون وينسون فيما لا علاقة له بتبليغ الأحكام ، ويمرضون وتمتد إليهم أيدي الظلمة ، وينالهم الاضطهاد ، وقد يقتلون "[1]. فالعصمة - كالمعجزة - ضرورة من ضرورات صدق الرسالة ، ومن مقتضيات حكمة من أرسل الرسل - عليهم السلام -.. وإذا كان الرسول - كبشر - يجوز على جسده ما يجوز على أجساد البشر.. وإذا كان الرسول كمجتهد قد كان يمارس الاجتهاد والشورى وإعمال العقل والفكر والاختيار بين البدائل في مناطق وميادين الاجتهاد التي لم ينزل فيها وحى إلهي.. فإنه معصوم في مناطق وميادين التبليغ عن الله - سبحانه وتعالى - لأنه لو جاز عليه الخطأ أو السهو أو مجانبة الحق والصواب أو اختيار غير الأولى في مناطق وميادين التبليغ عن الله لتطرق الشك إلى صلب الرسالة والوحي والبلاغ ، بل وإلى حكمة من اصطفاه وأرسله ليكون حُجة على الناس.. كذلك كانت العصمة صفة أصيلة وشرطًا ضروريًا من شروط رسالة جميع الرسل - عليهم السلام -.. فالرسول في هذا النطاق - نطاق التبليغ عن الله – ((وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )) (النجم:3-4) وبلاغة ما هو بقول بشر ، ولذلك كانت طاعته فيه طاعة لله ، وبغير العصمة لا يتأتى له هذا المقام. أما اجتهادات الرسول صلى الله عليه وسلم فيما لا وحى فيه ، والتي هي ثمرة لإعماله لعقله وقدراته وملكاته البشرية ، فلقد كانت تصادف الصواب والأولى ، كما كان يجوز عليها غير ذلك.. ومن هنا رأينا كيف كان الصحابة ، رضوان الله عليهم في كثير من المواطن وبإزاء كثير من مواقف وقرارات وآراء واجتهادات الرسول صلى الله عليه وسلم يسألونه - قبل الإدلاء بمساهماتهم في الرأي - هذا السؤال الذي شاع في السُّنة والسيرة. "يا رسول الله ، أهو الوحي ؟ أم الرأي والمشورة ؟.. " فإن قال: إنه الوحي. كان منهم السمع والطاعة له ، لأن طاعته هنا هي طاعة لله.. وهم يسلمون الوجه لله حتى ولو خفيت الحكمة من هذا الأمر عن عقولهم ، لأن علم الله - مصدر الوحي - مطلق وكلى ومحيط ، بينما علمهم نسبى ، قد تخفى عليه الحكمة التي لا يعلمها إلا الله.. أما إن قال لهم الرسول - جوابًا عن سؤالهم -: إنه الرأي والمشورة.. فإنهم يجتهدون ، ويشيرون ، ويصوبون.. لأنه صلى الله عليه وسلم هنا ليس معصومًا ، وإنما هو واحد من المقدمين في الشورى والاجتهاد.. ووقائع نزوله عن اجتهاده إلى اجتهادات الصحابة كثيرة ومتناثرة في كتب السنة ومصادر السيرة النبوية - في مكان القتال يوم غزوة بدر.. وفى الموقف من أسراها.. وفى مكان القتال يوم موقعة أُحد.. وفى مصالحة بعض الأحزاب يوم الخندق.. إلخ.. إلخ. ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أراد الله له أن يكون القدوة والأسوة للأمة (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )) (الأحزاب:21) وحتى لا يقتدي الناس باجتهاد نبوي لم يصادف الأولى ، كان نزول الوحي لتصويب اجتهاداته التي لم تصادف الأولى ، بل وعتابه - أحيانًا - على بعض هذه الاجتهادات والاختيارات من مثل ((عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَن جَاءهُ الْأَعْمَى* وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى* أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى* أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى* فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى* وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى* وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى* وَهُوَ يَخْشَى* فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى )) ( عبس:1- ومن مثل (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ* وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِير)) (التحريم:1-3) . ومن مثل: (( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) (الأنفال:67-68) وغيرها من مواطن التصويب الإلهي للاجتهادات النبوية فيما لم يسبق فيه وحى ، وذلك حتى لا يتأسى الناس بهذه الاجتهادات المخالفة للأولى. فالعصمة للرسول صلى الله عليه وسلم ، فيما يبلغ عن الله شرط لازم لتحقيق الصدق والثقة في البلاغ الإلهي ، وبدونها لا يكون هناك فارق بين الرسول وغيره من الحكماء والمصلحين ، ومن ثم لا يكون هناك فارق بين الوحي المعصوم والمعجز وبين الفلسفات والإبداعات البشرية التي يجوز عليها الخطأ والصواب.. فبدون العصمة تصبح الرسالة والوحي والبلاغ قول بشر ، بينما هي - بالعصمة - قول الله - سبحانه وتعالى - الذي بلغه وبينه المعصوم - عليه الصلاة والسلام -.. فعصمة المُبَلِّغ هي الشرط لعصمة البلاغ.. بل إنها - أيضًا - الشرط لنفى العبث وثبوت الحكمة لمن اصطفى الرسول وبعثه وأوحى إليه بهذا البلاغ. (1)النساء: 59. (2)آل عمران: 32. (3)النساء: 80. (4) آل عمران: 31. (5) (6)النجم: 3-4. (7) الأحزاب: 21. ( عبس: 1-10. (9)التحريم: 1-3. (10)الأنفال: 67-68. ----------------------- [1] [ الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده ] ج2 ص 415 ، 416 ، 420، 421. دراسة وتحقيق: د. محمد عمارة. طبعة القاهرة سنة 1993م. | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول الأحد مارس 09, 2008 12:29 am | |
| [color=darkblue]بسم الله الرحمن الرحيم
دعوى خلو الكتب السابقة من البشارة برسول الإسلام
أ.د محمود حمدي زقزوق
زعموا أن محمداً صلى الله عليه وسلم ليس برسول. وبنوا هذا الزعم على أربع شعب هي:
1- إن العهد والنبوة والكتاب محصورة فى نسل إسحق لا إسماعيل.؟!
2- إن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يأت بمعجزات.؟! 3- إن القرآن من نوادر الأعمال الإنسانية ، فليس هو معجزاً (1).؟! 4- إن الكتب السابقة - التوراة وملحقاتها والأناجيل - خلت من البشارة برسول الإسلام.؟!
الرد على الشبهة:
ولكن قبل أن نواجهها مواجهة مباشرة أريد أن أقدم كلمة موجزة بين يدي هذه المواجهة، رأيت أن تقديمها من أوجب الواجبات في هذا المجال. وجود " البشارات " وعدمها سواء..؟ أجل: إن وجود البشارات وعدمها في الكتب المشار إليها آنفا سواء، وجودها مثل عدمها ، وعدمها مثل وجودها. فرسالة رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ليست في حاجة إلى دليل يقام عليها من خارجها، بحيث إذا لم يوجد ذلك الدليل " الخارجي " بطلت - لا سمح الله - تلك الرسالة ؛ فهي رسالة دليلها فيها، ووجود البشارات بها في كتب متقدمة - زمنا- عليها لا يضيف إليها جديداً، وعدم وجود تلك البشارات لا ينال منها شيئاً قط. فهي حقيقة قائمة بذاتها لها سلطانها الغنى عما سواها، ودليلها قائم خالد صالح للفحص في كل زمان ومكان، باق بقاء رسالته أبد الدهر أشرق ولم يغب، ظهر ولم يختف، قوى ولم يضعف، علا ولم يهبط، إنه دليل صدق الأنبياء كلهم. فكل الأنبياء مضوا ولم يبق من أدلة صدقهم إلا ما جاء في هذا الدليل " القرآن العظيم" حيث شهد لهم بالصدق والوفاء وأنهم رسل الله المكرمون..
فلا يظنن أحدُ أننا حين نتحدث عن بشارات الكتب السابقة برسول الإسلام إنما نتلمس أدلة نحن في حاجة إليها لإثبات صدق رسول الإسلام في دعواه الرسالة. فرسول الإسلام ليس في حاجة إلى " تلك البشارات " حتى ولو سلم لنا الخصوم بوجودها فله من أدلة الصدق ما لم يحظ به رسول غيره.
وستعالج البشارة به صلى الله عليه وسلم على قسمين:
1- بشاراته صلى الله عليه وسلم في التوراة.
2- بشاراته صلى الله عليه وسلم في الإنجيل.
أولاً: البشارات في التوراة تعددت البشارات برسول الإسلام في التوراة وملحقاتها ، ولكن اليهود أزالوا عنها كل معنى صريح ، وصيروها نصوصاً احتمالية تسمح لهم بصرفها عنه صلى الله عليه وسلم ومع هذا فقد بقيت بعد تعديلها وتحريفها قوية الدلالة على معناها " الأصلي " من حملها على رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم لأن حملها على غيره متعذر أو متعسر أو محال.
فهي أشبه ما تكون برسالة مغلقة محي " عنوانها " ولكن صاحب الرسالة قادر - بعد فضها - أن يثبت اختصاصها به ، لأن الكلام " الداخلي " الذي فيها يقطع بأنها " له " دون سواه ؛ لما فيها من " قرائن " وبينات واضحة ونعرض - فيما يلي - بعضاً منها:
" وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته ". فقال:
"جاء الرب من سيناء ، وأشرق لهم من ساعير ، وتلألأ من جبل فاران" (2). في هذا النص إشارة إلى ثلاث نبوات:
الأولى: نبوة موسى عليه السلام التي تلقاها على جبل سيناء. الثانية: نبوة عيسى عليه السلام وساعير هي قرية مجاورة لبيت المقدس، حيث تلقى عيسى عليه السلام أمر رسالته.
الثالثة: نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وجبل فاران هو المكان الذي تلقى فيه- عليه الصلاة والسلام- أول ما نزل عليه من الوحي وفاران هي مكة المكرمة مولد ومنشأ ومبعث محمد صلى الله عليه وسلم. وهذه العبارة -مرة أخرى - تضمنت خبراً وبشارتين: فالخبر هو تذكير موسى بفضل الله عليه حيث أرسله إليهم رسولاً. والبشارتان:
الأولى: خاصة بعيسى عليه السلام. والثانية خاصة بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وموقف اليهود منهما النفى: فلا الأولى بشارة بعيسى ابن مريم ولا الثانية بشارة برسول الإسلام.
أما موقف النصارى فإن النفي - عندهم - خاص ببشارة رسول الإسلام. ولهم في ذلك مغالطات عجيبة ، حيث قالوا إن " فاران " هي " إيلات " وليست مكة. وأجمع على هذا " الباطل " واضعو كتاب: قاموس الكتاب المقدس. وهدفهم منه واضح إذ لو سَلَّمُوا بأن " فاران " هي مكة المكرمة ، للزمهم إما التصديق برسالة رسول الإسلام ، وهذا عندهم قطع الرقاب أسهل عليهم من الإذعان له.. ؟! ، أو يلزمهم مخالفة كتابهم المقدس ، ولم يقتصر ورود ذكر " فاران " على هذا الموضع من كتب العهد القديم ، فقد ورد فى قصة إسماعيل عليه السلام مع أمه هاجر حيث تقول التوراة: إن إبراهيم عليه السلام استجاب لسارة بعد ولادة هاجر ابنها إسماعيل وطردها هى وابنها فنزلت وسكنت فى " برية فاران " (3). على أنه يلزم من دعوى واضعى قاموس الكتاب المقدس من تفسيرهم فاران بإيلات أن الكذب باعترافهم وارد فى التوراة. لأنه لم يبعث نبى من " إيلات " حتى تكون البشارة صادقة. ومستحيل أن يكون هو عيسى عليه السلام ؛ لأن العبارة تتحدث عن بدء الرسالات وعيسى تلقى الإنجيل بساعير وليس بإيلات.
فليست " فاران " إلا " مكة المكرمة " وباعتراف الكثير منهم ، وجبل فاران هو جبل " النور " الذى به غار حراء ، الذى تلقى فيه رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم بدء الوحى.
وهجرة إسماعيل وأمه هاجر إلى مكة المكرمة " فاران " أشهر من الشمس.
وترتيب الأحداث الثلاثة فى العبارة المذكورة:
جاء من سيناء وأشرق من ساعير وتلألأ من فاران. هذا الترتيب الزمنى دليل ثالث على أن " تلألأ من جبل فاران " تبشير قطعى برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.
وفى بعض " النسخ " كانت العبارة: " واستعلن من جبل فاران " بدل " تلألأ.
وأياً كان اللفظ فإن " تلألأ " و " استعلن " أقوى دلالة من " جاء " و " أشرق " وقوة الدلالة هنا ترجع إلى " المدلولات " الثلاثة. فالإشراق جزء من مفهوم " المجئ " وهكذا كانت رسالة عيسى بالنسبة لرسالة موسى (عليهما السلام).
أما تلألأ واستعلن فهذا هو واقع الإسلام ، رسولا ورسالة وأمة ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
هذه المغالطة (فاران هى إيلات) لها مثيل حيث تزعم التوراة أن هاجرأم إسماعيل عندما أجهدها العطش هى وابنها إسماعيل بعد أن طردا من وجه " سارة " طلبت الماء فلم تجده إلا بعد أن لقيا ملاك " الرب " فى المكان المعروف الآن " ببئر سبع " ؟! وأنها سميت بذلك لذلك..؟! وكما كذبت فاران دعوى " إيلات " كذَّبت " زمزم الطهور " دعوى " بئر سبع " ؟ وستظل فاران - مكة المكرمة - وزمزم الطهور " عملاقين " تتحطم على صخورهما كل مزاعم الحقد والهوى.
ويجئ نص آخر فى التوراة لا محمل له إلا البشارة برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم مهما غالط المغالطون.
وهو قول الله لموسى حسب ما تروى التوراة:
" أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك ، وأجعل كلامى فى فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به ، ويكون أن الإنسان الذى لا يسمع لكلامى الذى يتكلم به باسمى أنا أطالبه " (4). حدث هذا حسب روايات التوراة وعداً من الله لموسى فى آخر عهده بالرسالة ، وكان يهمه أمر بنى إسرائيل من بعده ، فأعلمه الله - حسب هذه الرواية التوراتية - أنه سيبعث فيهم رسولا مثل موسى عليه السلام. ولقوة دلالة النص على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فقد وقف أهل الكتابين - اليهود والنصارى - موقفين مختلفين هدفهما واحد ، وهو أن النص ليس بشارة برسول الإسلام. أما اليهود فلهم فيه رأيان: الأول: أن العبارة نفسها ليست خبراً بل هى نفى ، ويقدرون قبل الفعل " أقيم " همزة استفهام يكون الاستفهام معها " إنكارياً " وتقدير النص عندهم هكذا " أأقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك..؟! بطلان هذا الرأى وهذا الرأى باطل ولن نذهب فى بيان بطلانه إلى أكثر من كلام التوراة نفسها. وذلك ؛ لأنه لو كان النص كما ذكروا بهمزة استفهام إنكارى محذوفة هى فى قوة المذكور لكان الكلام نفياً فعلاً.. ولو كان الكلام نفياً لما صح أن يعطف عليه قوله بعد ذلك: " ويكون أن الإنسان الذى لا يسمع لكلامى الذى يتكلم به باسمى أنا أطالبه " ؟! فهذا المقطع إثبات قطعاً فهو مرتب على إقامة النبى الذى وعد به المقطع الذى قبله. فدل هذا " العطف " على أن المقطع السابق وعد خبرى ثابت لا نفى. ويترتب على ذلك بطلان القول الذاهب إلى تقدير الاستفهام..؟! الثانى: وقد أحس اليهود ببطلان القول بالاستفهام فاحتاطوا للأمر وقالوا لا مانع أن يكون النص خبراً ووعداً مثبتاً ، ولكنه ليس المقصود به عيسى ابن مريم عليه السلام ولا محمد بن عبد الله رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ، بل المراد به نبى من أنبياء إسرائيل يوشع بن نون فتى موسى ، أو صموئيل..؟! موقف النصارى: أما النصارى فيحملون البشارة فى النص على عيسى عليه السلام وينفون أن يكون المراد بها رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ، وقد علمنا قبلا أن اليهود ينفون أن تكون لعيسى عليه السلام. وللنصارى مغالطات عجيبة فى ذلك إذ يقولون إن النبى الموعود به ليس من بنى إسماعيل بل من بنى إسرائيل. ومحمد إسماعيلى فكيف يرسل الله إلى بنى إسرائيل رجلاً ليس منهم.؟! كما قالوا إن موسى أتى بمعجزات ومحمد لم يأت بمعجزات فكيف يكون مثله. وقد رددنا على هذه الفرية فيما تقدم. الحق الذى لا جدال فيه: والواقع أن كل ما ذهب إليه اليهود والنصارى باطل. باطل. ولن نذهب فى بيان بطلانه إلى أبعد من دلالة النص المتنازع عليه نفسه. أما الحق الذى لا جدال فيه فإن هذا النص ليس له محمل مقبول إلا البشارة برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وإليكم البيان: إن النص المتنازع عليه يقيد البشارة بالنبى الموعود به فيه بشرطين: أحدهما: أنه من وسط إخوة بنى إسرائيل. وثانيهما: أنه مثل موسى عليه السلام صاحب شريعة وجهاد لأعداء الله وهذان الشرطان لا وجود لهما لا فى يوشع بن نون ، ولا فى صموئيل كما يدعى اليهود فى أحد قوليهم. ولا فى عيسى عليه السلام كما يدعى النصارى. أما انتفاء الشرط الأول فلأن يوشع وصموئيل وعيسى من بنى إسرائيل وليسو من وسط إخوة بنى إسرائيل. ولو كان المراد واحداً منهم لقال فى الوعد: أقيم لهم نبياً منهم.. ؟! هذا هو منهج الوحى فى مثل هذه الأمور كما قال فى شأن النبى صلى الله عليه وسلم: (( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ)) (الجمعة:2). وكما جاء على لسان إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) (( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ)) (البقرة:129).
وأما انتفاء الشرط الثانى ، فلأن: لا صموئيل ولا يوشع ولا عيسى ابن مريم كانوا مثل " موسى " عليه السلام. فموسى كان صاحب شريعة ، ويوشع وصموئيل وعيسى وجميع الرسل الذين جاءوا بعد موسى عليه السلام من بنى إسرائيل لم يكن واحداً منهم صاحب شريعة ، وإنما كانوا على شريعة موسى عليه السلام. وحتى عيسى ما جاء بشريعة ولكن جاء متمماً ومعدلاً فشريعة موسى هى الأصل. إن عيسى كان مذكراً لبنى إسرائيل ومجدداً الدعوة إلى الله على هدى من شريعة موسى عليه السلام !! فالمثلية بين هؤلاء - وهى أحد شرطى البشارة - وبين موسى عليه السلام لا وجود لها. ؟! الشرطان متحققان فى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وبنفس القوة والوضوح اللذين انتفى الشرطان بهما عمن ذكروا من الأنبياء ثبت ذلك الشرطان لمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم: فهو من نسل إسماعيل ، وإسماعيل أخو إسحق ، الذي هو أبو يعقوب المسمى إسرائيل. فهو من وسط إخوة بني إسرائيل - بنو عمومتهم - وليس من إسرائيل نفسها. وبهذا تحقق الشرط الأول من شرطي البشارة: ومحمد - عليه الصلاة والسلام - صاحب شريعة جليلة الشأن لها سلطانها الخاص بها - جمعت فأوعت - مثلما كان موسى - أكبر رسل بني إسرائيل - صاحب شريعة مستقلة كانت لها منزلتها التي لم تضارع فيما قبل من بدء عهد الرسالات إلى مبعث عيسى عليه السلام. وبهذا يتحقق الشرط الثانى من شرطى البشارة وهو " المثليه " بين موسى ومحمد (عليهما صلوات الله وسلامه) ، فعلى القارئ أن يتأمل ثم يحكم.
في المزامير المنسوبة إلى داود عليه السلام وردت كثير من العبارات التي لا يصح حمل معناها إلا على رسول الإسلام. ومن ذلك قول داود كما تروى التوراة: " أنت أبرع جمالاً من بني البشر. انسكبت النعمة على شفتيك، لذلك باركك الله إلى الأبد. تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار ، جلالك وبهاؤك. وبجلالك اقتحم. اركب من أجل الحق والدعة.. بتلك المسنونة فى قلب أعداء الملك - يعنى الله - شعوب تحتك يسقطون.. من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك " (7). اسمعي يانيت وأميلي أذنك ، وانسي شعبك وبيت أبيك ، فيشتهى الملك الملك حسنك ؛ لأنه هو سيدك فاسجدي له. وبنت صور أغنى الشعوب تترضى وجهك بهدية. كلها مجد ابنة الملك فى خدرها. منسوجة بذهب ملابسها مطرزة ، تحضر إلى الملك فى إثرها عذارى صاحباتها مقدمات إليك يحضرن بفرح وابتهاج يدخلن إلى قصر الملك. عوضاً عن آبائك يكون بنوك نقيمهم رؤساء فى كل الأرض اذكر اسمك فى كل دور فدور من أجل ذلك تحمدك الشعوب إلى الدهر والآبد " وقفة مع هذا الكلام فى المقطع الأول (أ) لا تنطبق الأوصاف التى ذكرها داود إلا على رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.
فهو الذى قاتل بسيفه فى سبيل الله وسقطت أمامه شعوب عظيمة كالفرس والروم.
وهو الممسوح بالبركة أكثر من رفقائه الأنبياء ؛ لأنه خاتم النبيين ، ورسالته عامة خالدة (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)) (الأنبياء:107) ولم يترك رسول هدى وبيانا مثلما ترك رسول الإسلام في القرآن الحكيم ، وفى أحاديثه وتوجيهاته ، التي بلغت مئات الآلاف ، وتعددت المصادر التي سجلتها ، وفيها من روائع البيان ، وصفاء الألفاظ ، وشرف المعاني ما ليس في غيرها. أما المقطع الثاني (ب) فهو أوصاف للكعبة الشريفة. فهي التي تترضاها الأمم بالهدايا. وهى ذات الملابس المنسوجة بالذهب والمطرزة ، وهى التي يذكر اسمها في كل دور فدور وتأتيها قوافل" الحجيج " رجالاً ونساءً من كل مكان فيدخل الجميع في " قصر الملك " ويحمدها الناس إلى الأبد ؛ لأن الرسالة المرتبطة بها رسالة عامة: لكل شعوب الأرض الإنس والجن. بل والملائكة. وفى مواسم الحج يأتيها القاصدون من جميع بقاع الأرض مسلمين ، ورعايا مسلمين من بلاد ليست مسلمة. خالدة: لم ينته العمل بها بوفاة رسولها ، كما هو الحال فيما تقدم. وإنما هى دين الله إلى الأبد الأبيد.
وأشعيا وسفره من أطول أسفار العهد القديم ملئ بالإشارات الواضحة التى تبشر برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ، ولولا المنهج الذى أخذنا به هنا وهو عدم التطويل لذكرنا من ذلك الكثير ؛ ولذا فإننا نكتفى بهذا المقطع لدلالته القوية على ما نقول: " قومى استنيرى ؛ لأنه قد جاء نورك ، ومجد الرب أشرق عليك.. لأنه ها هى الظلمة تغطى الأرض والظلام الدامس الأمم. أما عليك فيشرق الرب ، ومجده عليك يرى. فتسير الأمم فى نورك ، والملوك فى ضياء إشراقك.
ارفعى عينيك حواليك وانظرى. قد اجتمعوا كلهم جاءوا إليك. يأتى بنوك من بعيد ، وتحمل بناتك على الأيدى ، حينئذ تنظرين وتنيرين ويخفق قلبك ويتسع ؛ لأنه تحول إليك ثروة البحر ، ويأتى إليك غنى الأمم تغطيك كثرة الجمال بكران مديان ، وعيفة كلها تأتى من شبا. تحمل ذهبا ولبانا ، وتبشر بتسابيح الرب. كل غنم قيدار تجتمع إليك. كباش نبايوت تخدمك تصعد مقبولة على مذبحى ، وأزين بيت جمالى. من هؤلاء الطائرون كسحاب وكالحمام إلى بيوتها. إن الجزائر تنتظرنى وسفن ترشيش فى الأول لتأتى من بعيد ، وفضتهم وذهبهم معهم لا سم الرب إلهك … (9).
وبنو الغريب يبنون أسوارك ، وملوكهم يخدمونك.. وتفتح أبوابك دائما نهاراً وليلاً لا تغلق ، ليؤتى إليك بغنى الأمم وتقاد ملوكهم... (10). color] ] | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول الأحد مارس 09, 2008 12:32 am | |
| دلالة هذه النصوص: بلا أدنى ريب فإن هذا الكلام المنسوب إلى أشعيا وصف لمكة المكرمة وكعبتها الشامخة.
فالمقطع الأول إنما هو حديث عن موسم الحج المبارك فيه يجتمع بنوها حولها من كل مكان وفيه لمحة قوية جداًُ إلى نحر الهدى صبيحة العيد. ألم يشر النص إلى غنم قيدار ، وقيدار هوولد إسماعيل عليه السلام الذى تشعبت منه قبائل العرب. ثم ألم ينص على المذبح الذى تنحر عليه الذبائح ؟ كما أشار النص ثلاث إشارات تعد من أوضح الأدلة على أن المراد بهذا النص مكة المكرمة. وتلك الإشارات هى طرق حضور الحجاج إليها. ففى القديم كانت وسائل النقل: ركوب الجمال. ثم السفن. أما فى العصر الحديث فقد جدت وسيلة النقل الجوى " الطائرات " وبشارة أشعيا تضمنت هذه الوسائل الثلاث على النحو الآتى: 1- الجمال ، قال فيها: تغطيك كثرة الجمال.؟! 2- السفن ، قال فيها: وسفن ترشيش تأتى ببنيك من بعيد ؟! 3- النقل الجوى ، وفيه يقول: من هؤلاء الطائرون كسحاب وكالحمام إلى بيوتها. ؟!!
أليس هذا أوضح من الشمس فى كبد السماء.
على أن النص ملئ بعد ذلك بالدقائق والأسرار ، ومنها أن مكة مفتوحة الأبواب ليلاً ونهاراً لكل قادم فى حج أو عمرة.. ؟! ومنها أن خيرات الأمم تجبى إليها من كل مكان ، والقرآن يقرر هذا المعنى فى قول الله تعالى:
(( أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ)) (القصص:57) ومنها أن بنى الغريب (يعنى غير العرب) يبنون أسوارها. وكم من الأيدى العاملة الآن ، وذوى الخبرات يعملون فيها ويشيدون قلاعها فوق الأرض وتحت الأرض ومنها أنه ما من عاصمة من عواصم العالم إلا دخلت فى محنة من أهلها أو من غير أهلها إلا هذه " العاصمة المقدسة " فظلت بمأمن من غارات الغائرين وكيد الكائدين ، ومثلها المدينة المنورة. ومنها كثرة الثروات التى مَنَّ الله بها عليها. أليس البترول من ثروات البحر العظمى التى تفجرت أرض الحجاز وشبه الجزيرة منه عيوناً دفاقة بمعدل لم تصل إليه أمة من الأمم. أضف إلى ذلك سبائك الذهب والفضة. والحديث عن مكة المكرمة حديث عن رسول الإسلام ؛ لأن مجدها لم يأت إلا على يدى بعثته صلى الله عليه وسلم. هذه الحقائق لا تقبل الجدل. ومع هذا فإن أهل الكتاب (وخاصة اليهود) يحملون هذه الأوصاف على مدينة " صهيون " ولهذا فإنهم عمدوا إلى النص وعدلوه ليصلح لهذا الزعم.
ولكننا نضع الأمر بين يدى المنصفين من كل ملة. أهذه الأوصاف يمكن أن تطلق على مدينة " صهيون ". لقد خرب " بيت الرب " فى القدس مراراً وتعرض لأعمال شنيعة على كل العصور. أما الكعبة الشريفة والمسجد الحرام فلم يصل أحد إليهما بسوء ، ثم أين ثروات البحر والبر التى تجبى إلى تلك المدينة وأهلها (إلى الآن) يعيشون عالة على صدقات الأمم. وأين هى المواكب التى تأتى إليها براً وبحراً وجَوّاً ، وهل أبوابها مفتوحة ليلاً ونهاراً ، وأين هم بنوها الذين اجتمعوا حولها. وما صلة غنم قيدار وكباش مدين بها. وأين هو التسبيح الذى يشق عنان السماء منها.. وأين.. وأين..؟ إن هذه المغالطات لا تثبت أمام قوة الحق ، ونحن يكفينا أن نقيم هذه الأدلة من كتبهم على صدق الدعوى ، ولا يهمنا أن يذعن القوم لما نقول فحسبك من خصمك أن تثبت باطل ما يدعيه أمام الحق الذى تدافع عنه. والفاصل بيننا ـ فى النهاية ـ هو الله الذى لا يُبدل القول لديه. وتنسب التوراة إلى نبى يدعى " حبقوق " من أنبياء العهد القديم ، وله سفر صغير قوامه ثلاثة إصحاحات. تنسب إليه التوراة نصوصاً كان يصلى بها. تضمنها الإصحاح الثالث من سفره. وهذا الإصحاح يكاد يكون كله بشارة برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. وإليكم مقاطع منه: " الله جاء من تيمان ، والقدوس من جبل فاران ـ سلاه ـ جلاله غطى السماوات. والأرض امتلأت من تسبيحه وكان لمعان كالنور له من يديه شعاع ، وهناك استتار قدرته. قدامه ذهب الوبأ. وعند رجليه خرجت الحمى. وقف وقاس الأرض ، نظر فرجف الأمم ودكت الجبال الدهرية ، وخسفت آكام القوم. مسالك الأزل يسخط دست الأمم ، خرجت لخلاص شعبك 000 سحقت رأس بيت الشرير معرياً الأساس حتى العنق 000 سلكت البحر بخيلك..(12).
دلالات هذه الإشارات:
لا يستطيع عاقل عالم بتاريخ الرسالات ومعانى التراكيب أن يصرف هذه النصوص على غير البشارة برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. فالجهتان المذكورتان فى مطلع هذا المقطع وهما: تيمان: يعنى اليمن ، وجبل فاران: يعنى جبل النور الذى بمكة المكرمة التى هى فاران. هاتان الجهتان عربيتان. وهما رمز لشبه الجزيرة العربية التى كانت مسرحاً أولياً لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم. فليس المراد إذن نبياً من بنى إسرائيل ؛ لأنه معلوم أن رسل بنى إسرائيل كانت تأتى من جهة الشام شمالاً. لا من جهة بلاد العرب. وهذه البشارة أتت مؤكدة للبشـارة المماثلة ، التى تقدم ذكرها من سفر التثنية ، وقد ذكرت أن الله: تلألأ أو استعلن من جبل فاران. بيد أن بشارة التثنية شملت الإخبار بمقدم موسىعليه السلام والتبشير بعيسى عليه السلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم أما بشـارة حبقوق فهى خاصة برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. ولو لم يكن فى كلام حبقوق إلا هذا " التحديد " لكان ذلك كافياً فى اختصاص بشارته برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ومع هذا فقد اشتمل كلام حبقوق على دلائل أخرى ذات مغزى: منها: الإشارة إلى كثرة التسبيح حتى امتلأت منه الأرض.. ؟! ومنها: دكه صلى الله عليه وسلم لعروش الظلم والطغيان وقهر الممالك الجائرة. ومنها: أن خيل جيوشه ركبت البحر ، وهذا لم يحدث إلا فى ظل رسالة الإسلام. على أن كلام حبقوق ملئ بالرمز والإشارات مما يفيدنا فى هذا المجال ولكننا نتجاوزه لأمرين: أحدهما: أن فى الإشارات الصريحة غناء عنها. وثانيهما: عدم التطويل ـ هنا ـ كما اتفقنا. بشاراته صلى الله عليه وسلم فى العهد الجديد أسفار العهد الجديد (الأناجيل والرسائل) حافلة بالنصوص التى يتعين أن تكون " بشارات " برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. تلك البشـارات تعـلن أحياناً فى صورة الوعـد بملكوت الله أو ملكوت السماوات. وأحيانا أخـرى بالـروح القـدس. ومرات باسـم المعـزى أو الفارقليط ، وهى كلمة يونانية سيأتى فيما بعد معناها ، تلك هى صورة البشارات فى الأناجيل فى صيغها المعروفة الآن. ففى إنجيل متى وردت هذه العبارة مسـندة إلى يحيى عليه السلام المسمى فى الأناجيل: يوحنا المعمدان. وفيها يقول: " توبوا ؛ لأنه قد اقترب ملكوت السماوات " (13). فمن هو ملكوت السماوات الذى بشر به يحيى ؟! هل هو عيسى عليه السلام ـ كما يقول النصارى..؟! هذا احتمال.. ولكن متَّى نفسه يدفعه حيث روى عن عيسى عليه السلام نفس العبارة: " توبوا ؛ لأنه قد اقترب ملكوت السماوات " (14). فلـو كان المراد بملكـوت السماوات ـ هذه ـ عيسى عليه السلام لما وردت هذه " البشارة " على لسان عيسى ؛ إذ كيف يبشر بنفسه ، وهو قائم موجود ، والبشـارة لا تكون إلا بشئ محـبوب سيأتى ، كما أن الإنذار ـ قسيمه ـ لا يكون إلا بشىء " مكروه " قد يقع. فكلاهما: التبشير والإنذار ـ أمران مستقبلان. إن ورود هذه العبارة عن عيسى نفسه تخصيص لذلك العموم المستفاد من عبارة يحيى عليهما السلام. فدل ذلك على أن المراد بملكوت السماوات رسول آخر غير عيسى. ولم يأت بعد عيسى ـ باعتراف الجميع ـ رسول غير رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. فدل ذلك على أنه هو المراد بملكوت السماوات فى عبارة عيسى عليه السلامـ قولاً واحداً ـ وباحتمال أرجح فى عبارة يحيى ،إذ لا مانع عندنا ـ أن يكون يحيى عليه السلام قد بشر بها بعيسى عليه السلام. أما بشارة عيسى فلا موضع لها إلا الحمل ـ القطعى ـ على رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. وفى صيغة الصلاة التى علمها المسيح لتلاميذه ـ كما يروى مَتَّى نفسه ـ بشارة أخرى بنبى الإسـلام. وهذا هو نص مَتَّى فى هذا " فصلوا أنتم هكذا: أبانا الذى فى السماوات ليتقدس اسمك ليأت ملكوتك " (15). ووردت هذه الصيغة فى إنجيل لوقا هكذا: " متى صليتم فقـولوا: أبانا الذى فى السماوات ليتقـدس اسمك ليأت ملكوتك.. " (16). ويذكر لوقا أن المسيح جمع تلاميذه ، وعلمهم كيف يقهرون الشياطين ، ويشفـون الأمراض ثم قال: " وأرسلهم ليكرزوا ـ أى يبشروا ـ بملكوت الله " (17). أما مرقس فيسند هذه البشارة إلى المسيح نفسه إذ يقول: " جاء يسوع إلى الجبل يكرز ببشارة ملكوت الله ويقول: قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله " (18). فهـؤلاء ثلاثة من التلامذة يتفقـون على أن يحيى وعيسى (عليهما السلام) قد بشرا بملكوت الله الذى اقترب. فمن المراد بملكوت الله إذا لم يكن هو رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ؟ وأكاد أجزم بأن عبارة " المسيح ، قد كمل الزمان " لا تعنى سوى انتهاء عصر الرسالات الموقوتة وإقبال الرسالة الخالدة..! ـ 3 ـ أما يوحنا صاحب رابع الأناجيل. فإنه يذكر هذه البشارات فى مواضع متعددة من إنجيله. ومن ذلك ما يرويه عن المسيح عليه السلام " الذى لا يحبنى لا يحفظ كلامى ، والكلام الذى تسمعونه ليس لى بل للأب الذى أرسلنى. بهذا كلمتكم وأنا عندكم. وأما المعزى (اسم فاعل من الفعل المضعف العين عزى) (19) الروح القدس ، الذى سيرسله الأب باسمى فهو يعلمكم كل شىء ويذكركم بما قلته لكم " (20). كما يروى يوحنا قول المسيح ـ الآتى ـ مع تلاميذه: " إنه خير لكم أن انطلق. إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى ، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم. ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية ، وعلى بر وعلى دينونة " (21). ويروى كذلك قول المسيح لتلاميذه: " وأما إذا جاء ذاك روح الحق ، فهو يرشدكم إلى جميع الحق ؛ لأنه لا يتكلم من نفسه. بل كل ما يسمع يتكلم به ، ويخبركم بأمور آتية ".. ؟! (22). فمن هو المعزى أو روح القدس أو روح الحق الذى بشر به المسيح عليه السلام حسبما يروى يوحنا..؟! . | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| |
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول الأحد مارس 09, 2008 12:41 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
رسول اللـه يستقبل زائريه وهو لابس مرط عائشة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ...
ما زال النصارى يفضحون أنفسهم يوما تلو الآخر، ويتبين للعيان جهلهم المخزي وحقدهم على سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام، ولا ضير في ذلك إن كانوا في الأصل لا يفقهون كتبهم وما فيها من أخطاء وتناقضات وغزل يخدش حياء العاهرات والمومسان. أنقل لكم شبهة تتلقفها السن النصارى البذيئة في محاولات مستميتة منهم للطعن في أشرف الأنبياء والمرسلين وبداية أقتبس الشبهة من مواقعهم مع تعليقاتهم حتى تضحكوا قليلا إن لم يكن كثير على جهلهم وبعد ذلك نناقش هذه الشبهة التافهة السخيفة بموضوعية وبعين الإنصاف .
=== بداية الاقتباس ===
ومنها ما ذكرت إن النبي كان يستقبل زائريه وهو لابس ثوب زوجته: حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد حدثني أبي عن جدي حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن يحيى بن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص أخبره (( أن عائشة زوج النبي وعثمان حدثاه أن أبا بكر استأذن على رسول الله وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة فأذن لأبي بكر وهو كذلك فقضى إليه حاجته ثم انصرف ثم استأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال فقضى إليه حاجته ثم انصرف قال عثمان ثم استأذنت عليه فجلس وقال لعائشة : (( أجمعي عليك ثيابك)) فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت فقالت عائشة يا رسول الله مالي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان قال رسول الله : (( إن عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلي في حاجته)) صحيح مسلم 4415
واضح من الحديث أن الرسول كان مضطجعا في فراشه لابساً مرط (ثوب = فستان) عائشة، فلما حضر عثمان لم يرد الرسول أن يراه عثمان هكذا لما يعرفه من حياء عثمان وخجله فأعطى المرط لعائشة وجلس وقال لها أجمعي عليك ثيابك وباقي التفاصيل واضحة في الحديث. سؤال: لماذا قال النبي لعائشة عندما جاء عثمان أجمعي عليك ثيابك؟ هل هذا يعني إن زوجة النبي صلوات الله عليه وسلم وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت هي الأخرى كاشفة عن عورتها لأنها من غير مرط ( ثوب) ؟؟!!. ألم يقل في الحديث إن أبو بكر وعمر استأذنا على النبي فأذن لهم وهو على تلك الحال ( أي مضطجع وعليه مرط عائشة ) ثم عندما جاء عثمان قال لعائشة أجمعي عليك ثيابك ! أليس هذا دليل على أنها كانت موجودة كما أنها هي التي نقلت الرواية هذه ؟ وجاء الحديث بلفظ أخر,,
أن عائشة قالت: كان رسول الله مضطجعاً في بيتي كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه،... فلما خرج قالت عائشة دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك فقال : (( ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ؟)) .
=== انتهى الاقتباس ===
نـقـول وبـاللـه الـتـوفـيــق :
أولا : المرط ليس فستاناً ولا ثوباً ، المرط هو كساء من صوف أو خز يضعه الرجل عليه ، كما تضعه المرأة ، ويلتحف فيه الرجل والمرأة سواء ، كما في جامع الترمذي ، فمثلاً خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط من شعر أسود
( المِرْطُ ): بالكسر كساءٌ من صُوفٍ أوخَزّ [ج] مُرُوط وبالفتح نَتْفُ الشَّعَرِ ( معجم القاموس المحيط )
المِرْطُ : كساءٌ مِنْ خَزٍّ أو صوف أو كَتَّانٍ يؤْتزَر به وتتلفّع به المرأة ج مُرُوطٌ. ( معجم المحيط )
وكذلك تقول العرب ( لابِس ) إذا وضع الشيء عليه أو جلس عليه ، ولهذا جاء في حديث ( جالس على حصير بلي من طول ما لبس ) ـ أو من طول ما جلس عليه تلف الحصير ، فمعنى كلمة لبس أعم في لغة العرب من معناها في اللهجات العامية ، في اللغة تشمل وضع الرداء أو اللحاف على الجسد ، بل و الجلوس على الحصير أو أي سجاد ـ وهذا هو الذي كان فعله النبي صلى الله عليه وسلم كان ملتحفاً بالمرط أي بالكساء .
وهل يعقل أن النبي صلى الله عليه وسلم يلبس فستان امرأة، ولماذا ؟ ولكن لا بأس فنحنُ نلتمس العذر لسذاجة عقولهم وطريقة تفكيرهم. وثانياً : القصة واضحة لا إشكال فيها كانت عائشة في ناحية البيت ومتحجبة الحجاب الشرعي ، والنبي صلى الله عليه وسلم مضطجع وعليه مرط ، عليه لحاف هو في الأصل تتلحف به عائشة ، ولكنه وضعه عليه وهو مضطجع ، دخل أبو بكر ودخل عمر والنبي على هذا الحال ، وعائشة على حجابها ، ثم لما دخل عثمان وهو شديد الحياء خشي أن عثمان يشعر أنه قد أحرج النبي فيمتنع من قول حاجته ، فأمر النبي عائشة أن لا تكتفي بالحجاب ولكن تجمع عليها ثيابها أكثر حتى يبدو أهل البيت في حال استقبال الناس ، وأما هو فجلس له وتهيأ له ، حتى لا يمنعه الحياء من سؤال حاجته ـ
أما ما جاء في اللفظ الآخر للحديث فنقول,,
إن النبي صلى الله عليه وسلم بشر من البشر، ومن طبيعة البشر أنه قد يسقط بعض الكلفة أمام بعض خاصته ، بما لا يفعله أمام غيرهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يرى في عثمان حياء شديداً ، فهو يستحي أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الحال ، إنه شخص شديد التحرج ، وخاف النبي صلى الله عليه وسلم أن يمنعه رؤية هيئة النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الحال أن يذكر حاجته من النبي، فجلس له وتهيأ له بما يناسب طبيعة عثمان رضي الله عنه، ثم قال إن هذا الرجل تستحي منه الملائكة، وليس في هذا نفي أن الملائكة تستحي من النبي، ولكن ذكر هنا حياءها من عثمان، لأنه شديد الحياء، والملائكة أيضا موصوفة بالحياء، فإذا رأت عثمان استحيت من كونه أشد حياء من الملائكة ، كأن النبي يقول لهذا السبب أنا أقدر شدة حيائه، وتميزه بهذه الناحية فيكون تهيئي له يختلف عن غيره، وليس في هذا ما يغض من منزل النبي صلى الله عليه وسلم أبدا، ولكن الحاقد ينظر بنظرة الحقد لا بعين الإنصاف ـ
هذا هو المعنى المستفاد من الحديث لا أكثر، ولهذا رواه أهل الحديث وتلقاه المسلمون من غير استنكار لأنه ليس فيه ما يستنكر، أما الحاقدون الجاهلون بلغة العرب، فهم يتوهمون ويُوهمون ما ليس يدل عليه سياق، الحديث ولا لغته، وهو أنه كان النبي يلبس فستان عائشة وهي بلا فستان ثم لما دخل أبو بكر وعمر كان على هذا الحال، ثم لم دخل عثمان نزع الفستان ولبسته عائشة، وهذا فهم أعجمي وسقيم وطفولي وغبي، ولا يدل عليه الحديث والقصة بعيده كل البعد عن هذا الفهم المريض، ولكن لأنهم قد أكل الغيظ قلوبهم، ولهم نقول (( قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ)) (آل عمران:119) ـ والله المستعان عليهم
كتبه الشيخ حامد جزاه الله خيراً مع بعض الإضافات والتعديلات | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول الأحد مارس 09, 2008 12:43 am | |
| زواج الرسول صلى اللـه عليه وسلم من عائشة أم المؤمنين
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فنقرر بادئ ذي بدء أن أم المؤمنين عائشة عندما خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن هو أول المتقدمين لخطبتها بل سبقه غيره، فقد ذكر بعض المؤرخين أن جبير بن المطعم بن عدي تقدم لخطبة عائشة، وعلى هذا فأم المؤمنين كانت في عمر الزواج، وكانت تطيقه فلا غرو إذاً أن يخطبها النبي صلى الله عليه وسلم .
ويذكر سماحة المستشار الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء ظروف نكاح النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين عائشة فيقول سماحته :
أولاً: إنّ زواج الرسول- صلى الله عليه وسلم- من السيدة عائشة رضي الله عنها كان أصلاً باقتراح من خولة بنت حكيم على الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لتوكيد الصلة مع أحبّ الناس إليه سيدنا أبي بكر الصدّيق، لتربطهما أيضاً برباط المصاهرة الوثيق وهذا دليل على أنها كانت في سن زواج .
ثانياً: أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها كانت قبل ذلك مخطوبة لجبير بن المطعم بن عدي، فهي ناضجة من حيث الأنوثة، مكتملة بدليل خطبتها قبل حديث خولة.
ثالثاً: أنّ قريش التي كانت تتربّص بالرسول صلى الله عليه وسلم الدوائر لتأليب الناس عليه من فجوة أو هفوة أو زلّة، لم تُدهش حين أُعلن نبأ المصاهرة بين أعزّ صاحبين وأوفى صديقين، بل استقبلته كما تستقبل أيّ أمر طبيعي.
رابعاً: أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها لم تكن أول صبيّة تُزفّ في تلك البيئة إلى رجل في سنّ أبيها، ولن تكون كذلك أُخراهنّ، لقد تزوّج عبد المطلب الشيخ من هالة بنت عمّ آمنة في اليوم الذي تزوّج فيه عبد الله أصغر أبنائه من صبيّة هي في سنّ هالة، وهي آمنة بنت وهب
ثمّ لقد تزوّج سيدنا عمر بن الخطّاب من بنت سيدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه وهو في سنّ جدّها، كما أنّ سيدنا عمر بن الخطّاب يعرض بنته الشابة حفصة على سيدنا أبي بكر الصدّيق وبينهما من فارق السنّ مثل الذي بين الرسول صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها، ولكنّ نفراً من المستشرقين يأتون بعد أكثر من ألف وأربع مائة عام من ذلك الزواج فيهدرون فروق العصر والإقليم، ويطيلون القول فيما وصفوه بأنّه الجمع الغريب بين الكهل والطفولة، ويقيسون بعين الهوى زواجاً عُقد في مكّة قبل الهجرة بما يحدث اليوم في بلاد الغرب، حيث لا تتزوّج الفتاة عادة قبل سنّ الخامسة والعشرين.
ويجب الانتباه إلى أنّ نضوج الفتاة في المناطق الحارّة مبكّر جداً وهو في سنّ الثامنة عادة، وتتأخّر الفتاة في المناطق الباردة إلى سنّ الواحد والعشرين كما يحدث ذلك في بعض البلاد الباردة، وأياً ما يكون الأمر فإنّه عليه الصلاة والسلام لم يتزوّج السيدة عائشة رضي الله عنها من أجل المتعة، وهو الذي بلغ الخامسة والخمسين من عمره، وإنّما كان ذلك لتوكيد الصلة مع أحبّ الرجال إليه عن طريق المصاهرة، خاصّة بعد أن تحمّل أعباء الرسالة وأصبحت حملاً ثقيلاً على كاهله، فليس هناك مجال للتفكير بهذا الشأن.
ولو كان عليه الصلاة والسلام همّه النساء والاستمتاع بهنّ لكان فعل ذلك أيّام كان شاباً حيث لا أعباء رسالة ولا أثقالها ولا شيخوخة، بل عنفوان الشباب وشهوته الكامنة.
غير أنّنا عندما ننظر في حياته في سنّ الشباب نجد أنّه كان عازفاً عن هذا كلّه، حتّى إنّه رضي بالزواج من السيدة خديجة رضي الله عنها الطاعنة في سنّ الأربعين وهو ابن الخامسة والعشرين.
ثمّ لو كان عنده هوس بالنساء لما رضي بهذا عمراً طويلاً حتّى تُوفّيت زوجته خديجة رضي الله عنها دون أن يتزوّج عليها، ولو كان زواجه منها فلتة فهذه خديجة رضي الله عنها توفّاها الله، فبمن تزوّج بعدها؟ لقد تزوّج بعدها بسودة بنت زمعة العامرية جبراً لخاطرها وأنساً لوحشتها بعد وفاة زوجها ، وهي في سنّ كبير، وليس بها ما يرغّب الرجال والخطّاب، هذا يدلّ على أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان عنده أهداف من الزواج إنسانية وتشريعية وإسلامية ونحو ذلك.
ومنها أنّه عندما عرضت عليه خولة بنت حكيم الزواج من عائشة فكّر الرسول صلى الله عليه وسلم أيرفض بنت أبي بكر، وتأبى عليه ذلك صحبة طويلة مخلصة، ومكانة أبي بكر عند الرسول والتي لم يظفر بمثلها سواه.
ولمّا جاءت عائشة- رضي الله عنها- إلى دار الرسول صلى الله عليه وسلم فسحت لها سودة المكان الأول في البيت، وسهرت على راحتها إلى أن توفّاها الله، وهي على طاعة الله وعبادته، وبقيت السيدة عائشة رضي الله عنها بعدها زوجة وفيّة للرسول صلى الله عليه وسلم، تفقّهت عليه حتّى أصبحت من أهل العلم والمعرفة بالأحكام الشرعية.
وما كان حبّ الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها إلاّ امتداداً طبيعياً لحبّه لأبيها رضي الله عنهما.
ولقد سُئل عليه الصلاة والسلام: من أحبّ الناس إليك؟ قال: (عائشة) قيل: فمن الرجال؟ قال: (أبوها)، هذه هي السيدة عائشة رضي الله عنها الزوجة الأثيرة عند الرسول صلى الله عليه وسلم وأحبّ الناس إليه.
لم يكن زواجه منها لمجرّد الشهوة، ولم تكن دوافع الزواج بها المتعة الزوجية بقدر ما كانت غاية ذلك تكريم أبي بكر وإيثاره وإدناؤه إليه، وإنزال ابنته أكرم المنازل في بيت النبوّة . | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول الأحد مارس 09, 2008 12:54 am | |
| زواج الرسول صلى اللـه عليه وسلم من عائشة أم المؤمنين
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فنقرر بادئ ذي بدء أن أم المؤمنين عائشة عندما خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن هو أول المتقدمين لخطبتها بل سبقه غيره، فقد ذكر بعض المؤرخين أن جبير بن المطعم بن عدي تقدم لخطبة عائشة، وعلى هذا فأم المؤمنين كانت في عمر الزواج، وكانت تطيقه فلا غرو إذاً أن يخطبها النبي صلى الله عليه وسلم .
ويذكر سماحة المستشار الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء ظروف نكاح النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين عائشة فيقول سماحته :
أولاً: إنّ زواج الرسول- صلى الله عليه وسلم- من السيدة عائشة رضي الله عنها كان أصلاً باقتراح من خولة بنت حكيم على الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لتوكيد الصلة مع أحبّ الناس إليه سيدنا أبي بكر الصدّيق، لتربطهما أيضاً برباط المصاهرة الوثيق وهذا دليل على أنها كانت في سن زواج .
ثانياً: أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها كانت قبل ذلك مخطوبة لجبير بن المطعم بن عدي، فهي ناضجة من حيث الأنوثة، مكتملة بدليل خطبتها قبل حديث خولة.
ثالثاً: أنّ قريش التي كانت تتربّص بالرسول صلى الله عليه وسلم الدوائر لتأليب الناس عليه من فجوة أو هفوة أو زلّة، لم تُدهش حين أُعلن نبأ المصاهرة بين أعزّ صاحبين وأوفى صديقين، بل استقبلته كما تستقبل أيّ أمر طبيعي.
رابعاً: أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها لم تكن أول صبيّة تُزفّ في تلك البيئة إلى رجل في سنّ أبيها، ولن تكون كذلك أُخراهنّ، لقد تزوّج عبد المطلب الشيخ من هالة بنت عمّ آمنة في اليوم الذي تزوّج فيه عبد الله أصغر أبنائه من صبيّة هي في سنّ هالة، وهي آمنة بنت وهب
ثمّ لقد تزوّج سيدنا عمر بن الخطّاب من بنت سيدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه وهو في سنّ جدّها، كما أنّ سيدنا عمر بن الخطّاب يعرض بنته الشابة حفصة على سيدنا أبي بكر الصدّيق وبينهما من فارق السنّ مثل الذي بين الرسول صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها، ولكنّ نفراً من المستشرقين يأتون بعد أكثر من ألف وأربع مائة عام من ذلك الزواج فيهدرون فروق العصر والإقليم، ويطيلون القول فيما وصفوه بأنّه الجمع الغريب بين الكهل والطفولة، ويقيسون بعين الهوى زواجاً عُقد في مكّة قبل الهجرة بما يحدث اليوم في بلاد الغرب، حيث لا تتزوّج الفتاة عادة قبل سنّ الخامسة والعشرين.
ويجب الانتباه إلى أنّ نضوج الفتاة في المناطق الحارّة مبكّر جداً وهو في سنّ الثامنة عادة، وتتأخّر الفتاة في المناطق الباردة إلى سنّ الواحد والعشرين كما يحدث ذلك في بعض البلاد الباردة، وأياً ما يكون الأمر فإنّه عليه الصلاة والسلام لم يتزوّج السيدة عائشة رضي الله عنها من أجل المتعة، وهو الذي بلغ الخامسة والخمسين من عمره، وإنّما كان ذلك لتوكيد الصلة مع أحبّ الرجال إليه عن طريق المصاهرة، خاصّة بعد أن تحمّل أعباء الرسالة وأصبحت حملاً ثقيلاً على كاهله، فليس هناك مجال للتفكير بهذا الشأن.
ولو كان عليه الصلاة والسلام همّه النساء والاستمتاع بهنّ لكان فعل ذلك أيّام كان شاباً حيث لا أعباء رسالة ولا أثقالها ولا شيخوخة، بل عنفوان الشباب وشهوته الكامنة.
غير أنّنا عندما ننظر في حياته في سنّ الشباب نجد أنّه كان عازفاً عن هذا كلّه، حتّى إنّه رضي بالزواج من السيدة خديجة رضي الله عنها الطاعنة في سنّ الأربعين وهو ابن الخامسة والعشرين.
ثمّ لو كان عنده هوس بالنساء لما رضي بهذا عمراً طويلاً حتّى تُوفّيت زوجته خديجة رضي الله عنها دون أن يتزوّج عليها، ولو كان زواجه منها فلتة فهذه خديجة رضي الله عنها توفّاها الله، فبمن تزوّج بعدها؟ لقد تزوّج بعدها بسودة بنت زمعة العامرية جبراً لخاطرها وأنساً لوحشتها بعد وفاة زوجها ، وهي في سنّ كبير، وليس بها ما يرغّب الرجال والخطّاب، هذا يدلّ على أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان عنده أهداف من الزواج إنسانية وتشريعية وإسلامية ونحو ذلك.
ومنها أنّه عندما عرضت عليه خولة بنت حكيم الزواج من عائشة فكّر الرسول صلى الله عليه وسلم أيرفض بنت أبي بكر، وتأبى عليه ذلك صحبة طويلة مخلصة، ومكانة أبي بكر عند الرسول والتي لم يظفر بمثلها سواه.
ولمّا جاءت عائشة- رضي الله عنها- إلى دار الرسول صلى الله عليه وسلم فسحت لها سودة المكان الأول في البيت، وسهرت على راحتها إلى أن توفّاها الله، وهي على طاعة الله وعبادته، وبقيت السيدة عائشة رضي الله عنها بعدها زوجة وفيّة للرسول صلى الله عليه وسلم، تفقّهت عليه حتّى أصبحت من أهل العلم والمعرفة بالأحكام الشرعية.
وما كان حبّ الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها إلاّ امتداداً طبيعياً لحبّه لأبيها رضي الله عنهما.
ولقد سُئل عليه الصلاة والسلام: من أحبّ الناس إليك؟ قال: (عائشة) قيل: فمن الرجال؟ قال: (أبوها)، هذه هي السيدة عائشة رضي الله عنها الزوجة الأثيرة عند الرسول صلى الله عليه وسلم وأحبّ الناس إليه.
لم يكن زواجه منها لمجرّد الشهوة، ولم تكن دوافع الزواج بها المتعة الزوجية بقدر ما كانت غاية ذلك تكريم أبي بكر وإيثاره وإدناؤه إليه، وإنزال ابنته أكرم المنازل في بيت النبوّة . | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول الأحد مارس 09, 2008 1:16 am | |
| شبهات حول شرب الرسول صلى اللـه عليه وسلم للنبيذ !!
ما هو النبيذ ؟ الاجابه: كل ما ينتبذ في المـاء أو اللبـن أو غيـرها فهو نبيذ.
فقد جاء في معجم لسان العرب، الإصدار 2.02 - لابن المنظور الإفريقي :
النَّبْذُ: طرحك الشَّيء من يدك أَمامك أَو وراءك. نَبَذْتُ الشَّيء أَنْبِذُه نَبْذاً إِذا أَلقيته من يدك، ونَبَّذته، شدد للكثرة. ونبذت الشَّيء أَيضاً إِذا رميته وأَبعدته. ومنه الحديث: ((فنبذ خاتمه، فنبذ النَّاس خواتيمهم)). أي: أَلقاها من يده. وكلُّ طرحٍ: نَبْذٌ؛ نَبَذه يَنْبِذُه نَبْذاً. والنبيذ: معروف، واحد الأَنبذة. والنبيذ: الشَّيء المنبوذ. والنبيذ: ما نُبِذَ من عصير ونحوه. وقد نبذ النبيذ وأَنبذه وانتبَذه ونَبَّذَه ونَبَذْتُ نبيذاً إِذا اتخذته، والعامة تقول: أَنْبَذْتُ. وفي الحديث: ((نَبَّذوا وانْتَبَذُوا)). وحكى اللحياني: نبذ تمراً جعله نبيذاً، وحكى أَيضاً: أَنبذ فلان تمراً. قال: وهي قليلة وإِنما سمي نبيذاً لأَنَّ الذي يتخذه يأْخذ تمراً أَو زبيباً فينبذه في وعاء أَو سقاء عليه الماء ويتركه حتى يفور فيصير مسكراً. والنبذ: الطرح، وهو ما لم يسكر حلال فإِذا أَسكر حرم. وقد تكرر في الحديث ذكر النبيذ، وهو ما يعمل من الأَشربة من التَّمر والزَّبيب والعسل والحنطة والشَّعير وغير ذلك. يقال: نبذت التَّمر والعنب إِذا تركت عليه الماء ليصير نبيذاً، فصرف من مفعول إِلى فعيل. وانتبذته: اتخذته نبيذاً وسواء كان مسكراً أَو غير مسكر فإِنَّه يقال له: نبيذ، ويقال للخمر المعتصَرة من العنب: نبيذ، كما يقال للنَّبيذ: خمر. ونبذ الكتاب وراء ظهره: أَلقاه.
وقد جاء في الحديث النبوي غير المحكوم عليه في الدرر السنة للألباني رحمه الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم-: (( قال له ليلة الجن: ما في إدواتك؟! ،قال: قلت: نبيذ: قال: تمرة طيبة، وماء طهور،فتوضأ منه )). مشكاة المصابيح 459
فالنبيذ كما هو مشار في الحديث هو الماء الموضوع فيه قليل من التمر، مما يجعل طعم الماء حلو المذاق وليس كما يدعي الكفرة على رسول الله وخير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام.
وشرب النبيذ والعصير جائز بالاتفاق قبل غليانه ـ الغليان أي الاختمار ـ وذلك بدليل مشروعية هو: حديث أبى هريرة عند أبى داود والنسائي وابن ماجه، قال علمت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يصوم ، فتحنيت فطره بنبيذ صنعته في دباء، ثم أتيته به، فإذا هو ينش ( أي يغلي: أي مختمر ) فقال: (( اضرب بهذا الحائط، فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ))
وأخرج أحمد عن ابن عمر في العصير قال: (( أشربه ما لم يأخذ شيطانه، قيل وفى كم يأخذه شيطانه ؟ قال في ثلاث )) .
قلت: أي ثلاث ليال. وأخرج مسلم وغيره من حديث ابن عباس: (( أنه كان ينقع للنبي صلى الله عليه وسلم الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة، ثم يأمر به فيسقى الخادم أو يهرق )) .
قلت : ومعنى قوله يسقى الخادم هو ما قاله أبو داود: ومعنى أن يسقى الخادم يبادر به الفساد ومظنة ذلك ما زاد على ثلاثة أيام.
وقد أخرج مسلم وغيره من حديث عائشة: (( أنها كانت تنتبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة، فإذا كان العشي فتعشى، شرب على عشائه، وإن فضل شيء صبته أو أفرغته ثم تنتبذ له بليل، فإذا أصبح تغدى فشرب على غدائه، قالت تغسل السقاء غدوة وعشية )) .
قلت: وهو لا ينافى حديث ابن عباس السابق أنه كان يشرب اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة، لأن الثلاث مشتملة على زيادة غير منافية، والكل في الصحيح.
قال صلى الله عليه وسلم : (( إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام ، فامسكوا ما بدا لكم ، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا )) صحيح النسائي 5223
وهذه الأدلة من الأحاديث النبوية والتفسيرات اللغوية نستنتج الآتي: 1- إن كل خمر هو نبيذ ولكن ليس كل نبيذ هو خمر. 2- إن النبيذ الذي كان يشربه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عبارة عن ماء منقوع به قليلا من التمر، وهو بمثابة العصير الذي لم يختمر ويصبح خمرا مسكرا كالخمر المتعارف عليه، ومن المعروف ولا يخفى على أحد أن الخمر ما هي إلا عصائر مخمرة ومغليه. 3- نرى في الأحاديث المغايرة بين النبيذ المسكر والذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وبين النبيذ المحلل شربه قبل غليانه. السؤال الثاني: اذكر أنواع مختلفة للنبيذ ؟ الاجابه: النقير: أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينتبذ فيه. الْبِتْع: نبيذ العسل.
وَالتَّمْرِ نَبِيذًا
وَالْمِزْرُ: نَبِيذُ الشَّعِيرِ.
يكفى هذا ونختصر وندخل في سؤال الصليبيين:-
الحـديث الذي لم يفـهـمه النصــارى:
حدثنا روح حدثنا حماد عن حميد عن بكر بن عبد الله أن أعرابياً قال لابن عباس ما شأن آل معاوية يسقون الماء والعسل وآل فلان يسقون اللبن، وأنتم تسقون النبيذ، أمن بخل بكم أو حاجة، فقال ابن عباس ما بنا بخل ولا حاجة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا ورديفه أسامة بن زيد فاستسقى فسقيناه من هذا يعني نبيذ السقاية فشرب منه، وقال أحسنتم هكذا فاصنعوا.
ما هو الأغلى في الثمن وسعره عالي ؟ الماء أم اللبن أم العسل أم التمـر؟ نسهل الإجابة عليكم: في الصحراء العربية، يتوافر شجر البلح بينما نجد صعوبة في الحصول على المـاء واللبــن والعسـل في هذه البيئة الصحراوية. وبالتالي يا إخوة ويا من يبحث عن الحق، النبيذ المتوافر من غير ثمن ورخيص هو نبيذ البلح الذي يفعله المصريين في رمضان قبل الفطار، وهو الذي شربه النبي في الحديث، لأن الناس اتهموا آل عباس بالبخـل لاستخدامهم نبيذ البلح وليس الخمـــر الغالية الثمن، مقارنه بالمـاء واللبـن والعسـل. يعنى لو كان النبيذ الذي شربه النبي- صلى الله عليه وسلم- خمر فلن يتهم آل عباس بالبخل، لأن الخمر أغلى من الماء واللبن والعسل. بعض الأدلـة على الماشي للتوضيح. الحديث الأول: 4386 - حدثني إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى مُوسَى الأشعري - رضي الله عنه -: (( أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْرِبَةٍ تُصْنَعُ بِهَا فَقَالَ ( وَمَا هي ). قَالَ الْبِتْعُ وَالْمِزْرُ. فَقُلْتُ لأَبِى بُرْدَةَ مَا الْبِتْعُ قَالَ نَبِيذُ الْعَسَلِ وَالْمِزْرُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ. فَقَالَ « كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ )). رَوَاهُ جَرِيرٌ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الشَّيْبَانِىِّ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ
الحديث الثاني : (( آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الإِيمَانِ بِاللَّهِ هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَإِقَامُ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ الْمَغَانِمِ الْخُمُسَ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ مَا انْتُبِذَ في الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ )).4411 البخاري. النقير: أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينتبذ فيه.
الحديـــث الثالـث: 5644 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْبِتْع(نبيذ العسل)) فَقَالَ (( كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهْوَ حَرَامٌ)) .
الحديث الفاصل والحكم في القضية رقم 3305
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأضاحي فَوْقَ ثَلاَثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلاَّ في سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا في الأَسْقِيَةِ كُلِّهَا )).
قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ في رِوَايَتِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ (( وَلاَ تَشْرَبُوا مُسْكِرًا )) .
أحاديـث خاصة بالتمـر والبلـح: 5262
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( لاَ تَجْمَعُوا بَيْنَ الرُّطَبِ وَالْبُسْرِ وَبَيْنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ نَبِيذًا )).
5267: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ مِنْكُمْ فَلْيَشْرَبْهُ زَبِيبًا فَرْدًا فَرْدًا أَوْ بُسْرًا فَرْدًا أَوْ تَمْرًا )).
وبهذا يا أخوة، ويا من تبحث عن الحـق قـد ظهـر لكم مدى جهـل الصليبيين في اللغة العربية ومبادئ القراءة وحقــدهم على الإسلام ورسـوله العظيم صلى الله عليه وسلم. والآن هل بقى لكم حجه ؟؟؟
وعلى فكره آخر حديث هو حديث تربوي وأتحدى البابا شنودة وجهابذة النصارى في اللغة أن يفهموا منه شيئا. مـن الذي شرب الخمر ؟ محمد أم اليسـوع ؟
يعترف الكتاب المقـدس إن أول معجزات الـرب يسـوع هي في صـالح المساطيل والخمـورجية والمدمنين , وشرب الخمر وإليكم الـدليل من الإنجيل:
1- إنجيل يوحنا2/3 (1. وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل وكانت أم يسوع هناك. 2- ودعي أيضا يسوع وتلاميذه إلى العرس. 3- ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر. 4- قال لها يسوع ما لي ولك يا امرأة، لم تأت ساعتي بعد. 5- قالت أمه للخدام مهما قال لكم فافعلوه. 6- وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مطرين أو ثلاثة. 7- قال لهم يسوع املئوا الأجران ماء، فملئوها الى فوق. 8- ثم قال لهم استقوا الآن وقدموا الى رئيس المتكأ، فقدموا. 9- فلما ذاق رئيس المتكأ الماء المتحول خمرا ولم يكن يعلم من أين هي، لكن الخدام الذين كانوا قد استقوا الماء علموا، دعا رئيس المتكأ العريس. 10- وقال له: كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولا ومتى سكروا فحينئذ الدون، أما أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن. 11- هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل وأظهر مجده فآمن به تلاميذه. النص الثاني يديـن يســوع: إنجيل لوقا 7/34 جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فتقولون هو ذا إنسان أكول وشريب خمر،محب للعشارين والخطاة.) ولكم الحكم يا أصحاب العقـول.
كتبه الأخ / حليمو بتصرف. | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول الأحد مارس 09, 2008 1:32 am | |
| شبهات وردود متنوعة حول الرسول الكريم
الرد على شبهة مباشرة رسول الله لزوجته وهى حائض:
ذكر المعترضون ما ورد في الصحيحين من حديث ميمونة بنت الحارث الهلالية (رضي الله عنها) قالت: كان النبي إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهى حائض، ولهما عن عائشة نحوه، وظنوا بجهلهم أن ذلك يتعارض مع قوله تعالى: (( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)) (البقرة 22)
وسبب ذلك أنهم أناس لا يفقهون، فالمباشرة المنهي عنها في الآية الكريمة هي المباشرة في الفرج، أما ما دون ذلك فهو حلال بالإجماع، وقد روى الإمام أحمد وأبو داوود والترمذي وابن ماجة عن عبد الله بن سعد الأنصاري أنه سأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ما يحل لي من امرأتي وهى حائض؟ فقال- صلى الله عليه وسلم-: (( ما فوق الإزار)).
وروى ابن جرير أن مسروقاً ركب إلى عائشة ( رضي الله عنها) فقال: السلام على النبي وعلى أهله, فقالت عائشة: مرحباً مرحباً فأذنوا له فدخل فقال: إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحي فقالت : إنما أنا أمك وأنت ابني فقال: ما للرجل من امرأته وهى حائض؟ فقالت له: (( كل شيء إلا الجماع)) وفي رواية ((ما فوق الإزار))
و قد رأينا في حديث ميمونة أن نبي الله- صلى الله عليه وسلم-: كان إذا ما أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها" فاتزرت " فأين التعارض المزعوم إذاً يا ملبسي الحق بالباطل.
ولعل ما دفعهم إلى الاعتراض هو وضع المرأة الحائض في الكتاب اللا مقدس: (( وَإِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا، وَكُلُّ مَنْ يَلْمِسُهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ، كُلُّ مَا تَنَامُ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ حَيْضِهَا أَوْ تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً، وَكُلُّ مَنْ يَلْمِسُ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ، وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعاً تَجْلِسُ عَلَيْهِ، يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ، وَكُلُّ مَنْ يَلَمِسُ شَيْئاً كَانَ مَوْجُوداً عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ الَّذِي تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. وَإِنْ عَاشَرَهَا رَجُلٌ وَأَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ طَمْثِهَا، يَكُونُ نَجِساً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكُلُّ فِرَاشٍ يَنَامُ عَلَيْهِ يُصْبِحُ نَجِساً))(لاوين-15-19)
فهذا هو كتابهم الذي يجعلها في حيضها كالكم المهمل الذي لا يقترب منه أحد وكأنها ( جربة )، وقد ورد عن أنس أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يؤكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل الصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: في ذلك فأنزل الله تعالى: ((البقرة:22)) فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (( اصنعوا كل شيء إلا النكاح)) .
فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه.
ومن المعروف في قواعد علم مقارنة الأديان عدم مؤاخذة دين وفقاً لشرية دين أخر، فما بالك والإسلام أعدل وأسمى وقد أنصفت شريعته المرأة في هذا المقام وغيره !!.
الرد على شبهة قراءة النبي- صلى الله عليه وسلم-: للقرآن في حجر عائشة و هي حائض
روى البخاري عن عائشة قالت: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: يأمرني فأغسل رأسه وأنا حائض، وكان يتكئ في حجري وأنا حائض
يقرأ القرآن .
وهذا أيضاً لا شبهة فيه، وما دفعهم إلى الاعتراض على ذلك الحديث إلا نفس السبب الذي دفعهم للاعتراض على الحديث السابق وهو تصورهم المتطرف لوضع المرأة الحائض، وجعلها كالقاذورات التي تنجس كل ما تمسه، وهذا ليس من شريعة الإسلام الوسطية العادلة، فالمرأة إن كانت لا يمكنها الصلاة أو الصيام وهي حائض إلا أنها لا تنجس زوجها إذا ما مسته، ولا ينظر إليها في حيضها بهذا الازدراء حتى أن المرأة الحائض عندهم مذنبة !!
((28وَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ سَيْلِهَا تَحْسِبُ لِنَفْسِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَطْهُرُ. 29وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ تَأْخُذُ لِنَفْسِهَا يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ وَتَأْتِي بِهِمَا إِلَى الْكَاهِنِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ.30فَيَعْمَلُ الْكَاهِنُ الْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَالْآخَرَ مُحْرَقَةً وَيُكَفِّرُ عَنْهَا الْكَاهِنُ أَمَامَ الرَّبِّ مِنْ سَيْلِ نَجَاسَتِهَا)) (لاويين 28:15-30).
فأين ذلك من شريعة الإسلام الطاهرة التي تحترم المرأة، لذا يستدل العلماء من حديث أم المؤمنين عائشة بجواز ملامسة الحائض، وأن ذاتها وثيابها على الطهارة ما لم يلحق شيئا منها نجاسة، وفيه جواز القراءة بقرب محل النجاسة.
قاله النووي: وفيه جواز استناد المريض في صلاته إلى الحائض إذا كانت أثوابها طاهرة.
قاله القرطبي: بل ويمكن للمرأة نفسها أن تتعبد بقراءة القرآن دون النطق به، ويمكنها تقليب صفحاته باستعمال سواك أو بارتداء قفاز أو ما شابه ذلك، بل وعند ابن حزم يمكنها الجهر بقراءة القرآن وهي حائض دون مس المصحف الشريف.
الرد على شبهة معاتبة أم المؤمنين حفصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم-:
جاء في تفسير قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)) (التحريم:3،1 ).
عدة روايات انتقى الخبثاء بعضها ونفخوا فيها ليغيروا معانيها، ويحمّلوها أكثر مما تحتمل بكثير، ومفاد هذه الروايات أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: أصاب ماريا أم ابنه إبراهيم في البيت المخصص لحفصة، فقالت: أي رسول الله في بيتي وفي يومي؟
فقال- صلى الله عليه وسلم-: (( ألا ترضين أن أحرمها علي فلا أقربها؟ فقالت: أي رسول الله كيف يحرُم عليك الحلال ؟ فحلف بالله ألا يصيبها وقال لا تذكري ذلك لأحد)).
ووردت عدة روايات لهذا الحديث كثير منها ضعيف، ومنها روايات تفيد بأن ذلك كان يوم عائشة، والصحيح أن ذلك كان يوم حفصة كما دلت الكثير من النصوص والله أعلم.
وقد أمسك السفهاء بهذه الرواية وأخذوا يخوضون في عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حقداً عليه، بل وبثوا سمومهم وسفالاتهم وقالوا أن أم المؤمنين حفصة قد وجدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: في وضع (الخيانة الزوجية)!! وأنه صلى الله عليه وآله وسلم طلب منها ألا تفضحه إلى غير ذلك من ترهات عقولهم السفيهة، وقلوبهم المريضة، بل ووصل الحقد إلى درجة تحريف الكلم عن مواضعه، والتطاول على الله تعالى.
ونقول لهؤلاء الجهلة أين هذه الخيانة الزوجية؟ وهل معاشرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لسريته وأم ولده تعتبر عندكم خيانة زوجية والعياذ بالله ؟
بالطبع لا فهي من نسائه اللاتي أحل الله له، وهذا أمر معروف ولا حرج فيه، وأما معاتبة أم المؤمنين حفصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم-فلم تكن بسبب الخيانة كما يزعمون وإنما بسبب غيرتها عندما خلا رسول الله بأم إبراهيم في البيت المخصص لها، وكانت في ذلك اليوم عند والدها عمر بن الخطاب( رضي الله عنه)، فالمسألة كلها تتعلق بترك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- للقسمة في ذلك اليوم، وكما هو واضح فهذا لم يكن عن عمد ولم يقصد به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إيذاء حفصة التي كانت شديدة الغيرة عليه عليه السلام، بدليل أنه طيب خاطرها وحرّم ماريا على نفسه إرضاءً لها.
وقد طلب منها - صلى الله عليه وسلم- عدم إخبار أحد لأمر من اثنين: (1) إما لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لم يشأ أن تعلم عائشة فتحزن لذلك، وقد كانت أقرب زوجاته إلى قلبه-صلوات الله و سلامه عليه- ذلك على الأخذ بالروايات التي أشارت إلى أن ذلك كان يومها، وهذا لا حرج فيه فهذه حياته الخاصة عليه السلام، وهؤلاء هن زوجاته أمهات المؤمنين
(2) الأمر الثاني: وهو الأرجح، ودلت عليه كثير من الروايات أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- طلب من حفص عدم إخبار أحد "بكونه سيُحرم ماريا على نفسه (( لأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كره ذلك وإنما فعله إرضاءً لها ولم يشأ أن يسُن ذلك لأمته فيحرم الناس على أنفسهم طيبات أحلها الله لهم فأنزل الله (التحريم)) .
ومن الروايات التي تؤكد ذلك المعنى ما رَوَى الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ: (( قُلْت لِعُمَرَ بْن الْخَطَّاب مَنْ الْمَرْأَتَانِ ؟ قَالَ عَائِشَة وَحَفْصَة وَكَانَ بَدْء الْحَدِيث فِي شَأْن أُمّ إِبْرَاهِيم مَارِيَة أَصَابَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْت حَفْصَة فِي نَوْبَتهَا فَوَجَدَتْ حَفْصَة فَقَالَتْ يَا نَبِيّ اللَّه لَقَدْ جِئْت إِلَيَّ شَيْئًا مَا جِئْت إِلَى أَحَد مِنْ أَزْوَاجك فِي يَوْمِي وَعَلَى فِرَاشِي قَالَ " أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلَا أَقْرَبَهَا " قَالَتْ بَلَى فَحَرَّمَهَا وَقَالَ لَهَا " لَا تَذْكُرِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ " فَذَكَرَتْهُ لِعَائِشَةَ فَأَظْهَرَهُ اللَّه عَلَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (( يَا أَيّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك تَبْتَغِي مَرْضَات أَزْوَاجك )) الْآيَات .
كما وردت روايات أخرى عن أسباب نزول هذه الآية الكريمة منها ما رواه البخاري عن عائشة قالت: (( كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَب عَسَلًا عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش وَيَمْكُث عِنْدهَا فَتَوَاطَأْت أَنَا وَحَفْصَة عَلَى أَيَّتِنَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ لَهُ: أَكَلْت مَغَافِير إِنِّي أَجِد مِنْك رِيح مَغَافِير . قَالَ" لَا وَلَكِنِّي كُنْت أَشْرَب عَسَلًا عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش فَلَنْ أَعُود لَهُ وَقَدْ حَلَفْت لا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا )).
فهل طلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في هذه الرواية من حفصة عدم إخبار أحد خشية الفضيحة أيضاًً يا عبّاد الصليب؟ !!
ولو كانت المسألة بهذه الصورة الشوهاء التي رسمتموها فهل كانت تُذكر في قرآن يُتلى على المؤمن والكافر إلى يوم القيامة، ويتدارسه المؤمنون في كل وقت وحين؟ كما قال أبى عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعبد الله بن مسعود وعثمان بن عفان وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا عن النبي- صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قال: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً ), ونحن لم نسمع مثل هذه التعليقات السخيفة من عبدة الصليب في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- وصحابته، لا من يهودي ولا منافق ولا حتى صليبي، وبدأت سخافاتهم تظهر في العصور اللاحقة شأن 99% من شبهاتهم المريضة.
أما عن ترك القسمة في ذلك اليوم فهو حالة استثنائية عارضة كما أوضحنا أنفاً، وما لا يعرفه هؤلاء الجهال أن القسمة لم تكن (فريضة شرعية) في حق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث أن القسمة الشرعية وُضعت عنه في قوله تعالى: (( تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً)) (الأحزاب:51)
لأن عالم الغيب سبحانه قد علم أن نبيه الكريم سيبقى على القسمة حتى لو لم تكن واجبة عليه، فرفع عنه ذلك التكليف حتى إذا ما قسم لهن اختياراً استبشرن به، وحملن جميلته في ذلك واعترفن بمنته عليهن في إبقاءه على القسمة، وقد أبقى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على هذه القسمة وكان يقول: (( اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)) .
وظل على هذا إلى مرض موته عليه السلام ولم يُطبب في بيت عائشة إلا بعد أن جمع أزواجه واستأذنهن في ذلك.
والآيات في سورة التحريم تتضمن معجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم, في قوله تعالى: (( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)) (التحريم:3).
والحديث الذي أسره النبي لزوجته حفصة هو تحريمه ماريا وأكل العسل على نفسه, فلما أنبأت حفصة عائشة بذلك أطلعه الله تعالى على ما دار بينهما، فأخبرها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ببعض ما وقع منها وأعرض عن بعض بكرم خلقه فتعجبت وقالت من أنبأك هذا ؟!! قال - صلى الله عليه وسلم- نبأني العليم الخبير.
فما الذي يعترض عليه الحاقدون، وقد قالت أم المؤمنين عائشة: (( والله ما مست يد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- امرأة لا تحل له)).
وأين ما ذكرناه من سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- العطرة التي نُقلت إلينا كاملة ساطعة البياض من سير داوود الذي زنى بامرأة جاره، ولوط الذي زنى بابنتيه، أو يهوذا الذي زنى بأرملة ابنه وإبراهيم الذي أراد استغلال عرض زوجته ليكون له من وراءها خير كثير!! وألقى بإحدى زوجاته في الصحراء إرضاءً لأخرى !!.
. | |
|
| |
هبه فريق عمل قصه حب
عدد الرسائل : 239 تاريخ التسجيل : 28/02/2008
| موضوع: رد: حول الرسول الأحد مارس 09, 2008 1:36 am | |
| الرد على شبهة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- طلق سودة لأنها أسنت:
اعترضوا بأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- طلق أم المؤمنين سودة لمجرد أنها أسنت، واستدلوا استدلال خاطئ بما جاء في الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة قَالَتْ: (( لَمَّا كَبِرَتْ سَوْدَة بِنْت زَمْعَة وَهَبَتْ يَوْمهَا لِعَائِشَة فَكَانَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْسِم لَهَا بِيَوْمِ سَوْدَة، وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عن عروة قال: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه فِي سَوْدَة وَأَشْبَاههَا وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا وَذَلِكَ أَنَّ سَوْدَة كَانَتْ اِمْرَأَة قَدْ أَسَنَّتْ فَفَزَعتْ أَنْ يُفَارِقهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَنَّتْ بِمَكَانِهَا مِنْهُ وَعَرَفَتْ مِنْ حُبّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَة وَمَنْزِلَتهَا مِنْهُ فَوَهَبَتْ يَوْمهَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَة فَقَبلَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)).
قلت بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله: إن زواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من سودة رضي الله عنها كان من الأساس زواج رحمة ورأفة لا زواج رغبة، فقد تزوجها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهي في السادسة والستين من عمرها وكانت قد أسلمت مع زوجها، وهاجرا إلى الحبشة فراراًً من أذى الجاهلين من قريش، ومات بعد أن عادا وكان أهلها لا يزالون على الشرك فإذا عادت إليهم فتنوها في دينها فتزوجها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لحمايتها من الفتنة ولكن بعد زمن وصلت أم المؤمنين إلى درجة من الشيخوخة يصعب معها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يعطيها كامل حقوقها فأراد تطليقها أيضاً رأفةً بها كي لا يذرها كالمعلقة (وكي لا يأتي الجهال في عصرنا ويقولوا أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- لم يكن يعدل بين أزواجه) فقالت رضي الله عنها (فإني قد كبرت ولا حاجة لي بالرجال ولكنى أريد أن اُبعث بين نسائك يوم القيامة) فأنزل الله تعالى: (( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً)) (النساء:128).
وعلمتنا هذه الآية المباركة أن إذا امرأة خافت من زوجها أن ينفر عنها أو يعرض عنها فلها أن تسقط عنه بعض حقوقها، سواءً نفقة أو كسوة أو مبيت، وله أن يقبل ذلك، فلا حرج عليها في بذلها ذلك له ولا حرج عليه في قبوله, فراجعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- و كان يحسن إليها كل الإحسان.
الرد على شبهة أن رسول الله (ص) طلق إحدى زوجاته لأنه وجد فيها
بياض:
ذكر الطبراني وغيره عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من أهل البادية فرأى بها بياضا ففارقها قبل أن يدخل بها، وكالعادة اعترض النصارى !!!!!!!!!
قلت بعد الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (( خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا أقسمت غليها أبرتك وإذا غبت حفظتك في نفسها ومالك)).
ومن هذا الحديث الشريف نجد أن من حقوق الزوج أن يتزوج امرأة يسره النظر إليها، وتكون على خلق ودين, ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- كانت معظم زيجاته كما هو معلوم لأغراض إنسانية بحته، وهو لم يعدد الزوجات إلا بعد الخمسين، ولكن هذا لا يمنع أنه كان رجل جميل الخُلق والخلق، وعندما تزوج هذه المرأة كان يسره النظر إليها ولكنه وجد فيها هذا العيب الجلدي الذي نفره منها نفرة شديدة، وكانت قد أخفته عليه فمتّعها وردها إلى بيت أهلها قبل أن يمسها، ولم تكتمل هذه الزوجة فما الحرج في ذلك؟!!
وعندما خطب المغيرة بن شعبة امرأة فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال عليه الصلاة والسلام: (( اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)) .
أي تدوم بينكم المودة والعشرة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يتزوج يرسل بعض النسوة ليتعرفن ما قد يخفى من العيوب، فيقول لها: (( شمي فمها, شمي إبطيها....)) .
فمن هذه الأحاديث الطيبة نجد أن رسول الله قد سنّ لنا ما إن فعلناه كان سبباً في استمرار المحبة والمودة وحسن المعاشرة, والإسلام دين واقعي فهو يعطي كل ذي حق حقه، وهل يعقل أن يطالب إنسان بأن يستمر في معاشرة امرأة وجد منها ما ينفره؟؟ أو تستمر امرأة في معاشرة رجل وجدت منه ما ينفرها؟؟ الإجابة هي بالطبع لا, والحياة الزوجية في الإسلام شعارها المعاشرة بالمعروف أو التسريح بإحسان، وإن لم تقم الحياة بين الزوجين على الصدق والمودة والرضا قامت على نفاق أو إكراه !!
وهذا لا وجود له في دين الله, فالإسلام وإن كان يحث على الصبر كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها أخر)).
إلا أن هناك أشياء قد لا يطيقها الإنسان ويشتد نفوره منها، مما قد يذهب بأسس المودة وأداء الحقوق، لذا فالإسلام هنا يرخص بالطلاق كما ورد في البخاري عن ابن عباس قال: (( جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام ( تعنى كفران العشير) فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لثابت: إقبل الحديقة وطلقها)).
أما الحال عند النصارى فهو مأساة تشريعية بمعنى الكلمة، وكثير منهم يستنجدون بالشريعة الإسلامية، فالكنيسة المظلمة لا تكاد تبيح الطلاق إلا في أضيق الحدود كحال الزنى أو تغيير الدين، أما الكاثوليك فلا طلاق عندهم أساساً، ولكن انفصال جسدي !! وكثير من النصارى البائسين الذين لم يوفقوا في اختيار شريكات الحياة يلجئون إلى الحيل، ويغيرون مللهم ليحصلوا على حرياتهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأنا أذكر هنا قصة من التراث النصراني وهو ما حدث مع فيليب أغسطس أحد أشهر ملوك الحملات الصليبية الذي كان قد تزوج الأميرة الدنماركية( إنجبورج) ولم يشعر معها بأي سعادة فهجرها، واستغرق عام كامل في إقناع مجلس الأساقفة حتى يحصل على الطلاق، ولكن البابا سلستين الثالث أبى أن يوافق على هذا, فتحدى فيليب البابا وتزوج (أنى) الميرانية فحرمة سلستين!! ولكن فيليب ظل على موقفه وقال ( خير لي أن أفقد نصف أملاكي من أن أفارق أنى) وأمره أنو سنت الثالث أن يرجع انجبورج، فلما رفض حرمه من كثير من حقوقه، فقال في حسرة ( ما أسعد صلاح الدين ليس فوقه بابا يتحكم في حياته) وهدد باعتناق الإسلام، وواصل كفاحه دفاعاً عن المرأة التي أحبها أربع سنين، ولكن الشعب انضم إلى الكنيسة في الضغط علي خوفاً من عذاب النار الذي هدد به البابا!! فطرد فيليب زوجته أنى ولكنه أبقى إنجبورج محبوسة في إيتامب حتى عام 1202 بعد أن قضت أفضل سنين عمرها في هذا الجحيم، وكل ذلك بسبب الفهم النصراني المتطرف للزواج . الرد على شبهة موت الرسول صلى الله عليه وسلم متأثرا بسم الشاة:
اعترض النصارى على افتخار المسلمين بأن الله قد جمع للنبي الكريم - صلى الله عليه وسلم- الشهادة إلى سائر فضائله فمات متأثراً بسم الشاة التي أهدته إياها امرأة يهودية يوم خيبر, على أساس أن ذلك يتنافى مع عصمته ( صلوات الله وسلامه عليه) وذلك يرجع إلى جهلهم بالمعاني الشرعية، فعصمة رسول الله قد تمت كما وعده ربه عز وجل لأن هذه العصمة هدفها تمكينه من تبليغ الرسالة، وهي مقترنة بها كما قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )) ( المائدة:67)
وذلك قد حدث بنعمة الله, فإذا ما بلغ الرسول الأمين الرسالة فهو بلا شك عائدٌ إلى ربه، وأفضل الموت ما كان في سبيل الله، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (( تضمن الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا جهادا في سبيلي، وإيمانا بي، وتصديقا برسلي، فهو علي ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة، والذي نفس محمد بيده! ما من كلم يكلم في سبيل الله، إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم، لونه لون دم وريحه مسك، والذي نفس محمد بيده! لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا ولكن لا أجد سعة فأحلهم، ولا يجدون سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفس محمد بيده! لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل )).
لما علم من أجر الشهيد، فقدّر الله له هذه الوفاة الطيبة لتكتمل فضائله عليه السلام, والله تعالى يقول: (( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ)) (الزمر:30).
ويقول: (( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ )) (آل عمران:144).
ويقول: (( كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ )) (الأنبياء:35) .
وقصة شاة خيبر هي من شمائل نبوته ودلائل عصمته لو كانوا يعلمون فقد روى ابن كثير عن ابن إسحاق قال:- لما أطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أهدت له امرأة يهودية شاة مصلية وقد سألت أي عضو أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ فقيل لها الذراع فأكثرت من السم فيها, ثم سممت الشاة ثم جاءت بها, فلما وضعتها بين يديه تناول الذراع فلاك منها مضغة لم يسغها ومعه بشر بن براء قد أخذ منها كما أخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلفظها ثم قال: (( إن هذا العظم يخبرني أنه مسموم)) .
( وهذا من معجزاته عليه الصلاة والسلام )، ثم دعا بها فاعترفت, فقال: (( ما حملكِ على ذلك؟" قالت بلغني ما لم يخف عليك فقلت إن كان كذّابا استرحنا منه وإن كان نبيا فسيخبر)).
فتجاوز عنها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومات بشر من أكلته, أما رسول الله فلم يمت إلا بعد هذه الواقعة بثلاث سنوات كاملة كانت هذه السنوات الثلاث من أهم مراحل الدعوة النبوية، ففيها فَتحت مكة ودخل الناس في دين الله أفواجا، وحج النبي - صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع، واكتملت الشريعة.
وقد جاءت الإرهاصات التي تشير إلى قرب أجل النبي - صلى الله عليه وسلم- قبل مرض موته، وبينما كان في أوج فتوحاته وانتصاراته ومنها ما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى: (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً )) (المائدة:3) .
ولم ينزل بعد هذه الآية أي من آيات الأحكام ولا يقولن جاهل أن سورة المائدة فيها أحكام في مواضع لاحقة عن هذه الآية، لأن ترتيب كان وفق ما يقرره الوحي، فكان رسول الله يقول: "ضعوا هذه الآية على رأس المائة من سورة كذا " و" ضعوا تلك الآية على رأس المائتين من سورة كذا " وكذلك من الإرهاصات التي جاءت في القرآن الكريم قوله تعالى: (( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً )) (النصر:3،1). فكانت هذه السورة إشارة رقيقة إلى أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أدى الرسالة وبلغ الأمانة ونصح للأمة وعليه الآن أن يستعد للرحيل من هذه الدار بسلام إلى دار السلام، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لا ينقطع عن القول في ركوعه: (( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي)) .
في كل صلواته عليه الصلاة والسلام.
وأيضا ما رواه البخاري عن ابن عباس قال:- كان رسوا الله - صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من ليالي رمضان فيدارسه القرآن، فكان جبريل يقرأ والنبي يسمع حينا، والنبي يقرأ وجبريل يسمع حينا حتى كان العام الذى توفى فيه الرسول فعارضه جبريل بالقرآن مرتين، لذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (( ما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلى)) وقد شهد العرضة الأخيرة أحد مشاهير كتاب الوحي وهو زيد بن ثابت الأنصاري.
ومنها ما ورد عن أبو مويهبة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-قال: أيقظني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليلة وقال:إني أٌمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه - صلى الله عليه وسلم-فسلم عليهم ثم قال : (( ليهنئكم ما أصبحتم فيه, قد أقبلت الفتن كقطع اليل المظلم ثم قال:- قد أُوتيت مفاتيح خزائن الأرض والخلد فيها ثم الجنة وخُيرت بين ذلك وبين لقاء ربي فاخترت لقاء ربى, ثم استغفر لأهل البقيع ثم انصرف)).
فبدأ مرضه الذى قبض فيه.
ومنها ما ورد عن أم المؤمنين عائشة قالت:- فما رجع من البقيع وجدني وأنا صداعا وأنا أقول:- وارأساه! قال - صلى الله عليه وسلم-: (( بل أنا والله يا عائشة وارأساه! ثم قال: ما بالك لو مت قبلي فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك؟ فقلت: فكأني بك والله لو فعلت ذلك فرجعت إلى بيتي فعرُست ببعض نسائك)).
فتبس وتتام به، وجعه وتمرض في بيتي، فخرج منه يوماً بين رجلين أحدهما الفضل بن العباس والأخر علي، قال الفضل: فأخرجته حتى جلس على المنبر فحمد الله وكان أول ما تكلم به النبي - صلى الله عليه وسلم-أن سلم على أصحاب أحد فأكثر واستغفر لهم ثم قال: (( أيها الناس إنه قد دنا منى حقوق من بين أظهركم فمن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد منه، ومن أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه ولا يخش الشحناء فإنها ليست من شأني، وإن أحبكم إلي من أخذ مني حقاً إن كان له، أو حللني فلقيت ربي وأنا طيب النفس، ثم نزل فصلى الظهر ثم رجع إلى المنبر فعاد إلى مقولته الأولى فادعى عليه رجل بثلاثة دراهم فأعطاه عوضها ثم قال - صلى الله عليه وسلم-: (أيها الناس من كان عنده شيء فليؤده ولا يقول فضوح الدنيا، ألا وإن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، ثم صلى على أصحاب أحد واستغفر لهم، ثم قال: إن عبداً خيّره الله بين الدنيا وما عنده فاختار ما عنده، فبكى أبو بكر وقال: فديناك بأنفسنا وآبائنا! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: لا يبقين في المسجد باب إلا باب أبى بكر فإني لا أعلم أحداً أفضل في الصحبة عندي منه، ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن أُخوَة الإسلام)) . ومنها أيضا ما ورد أنه لما اشتد الوجع برسول الله - صلى الله عليه وسلم- ونزل به الموت جعل يأخذ الماء بيده ويجعله على وجهه ويقول: وا كرباه!! فتقول فاطمة:- وا كربي على كربتك يا أبتي، فيقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (( لا كرب على أبيك بعد اليوم)) .
فلما رأى شدة جزعها أستند وسارها, فبكت ثم سارها فضحكت , فلما توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سألتها عائشة عن ذلك فقالت: أخبرني أبي أنه ميت فبكيت، ثم أخبرني أني أول أهله لحوقاً به فضحكت.
( وقد ماتت- رضي الله عنها- بعد ر سول الله - صلى الله عليه وسلم-بستة أشهر ).
وقالت أم المؤمنين عائشة: وكنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول كثيراً: (( إن الله لم يقبض نبي حتى يخيره، فلما احتضر كانت أخر كلمة سمعتها منه وهو يقول: بل الرفيق الأعلى، قالت: قلت إذاً والله لا يختارنا وعلمت أنه يخيّر)) .
ونقول للمتنطعين الذين يقولون أن عصمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليست معجزة، وأن أي إنسان يمكنه إدعاؤها, فأقول لهم: وهل كان الرسول - صلى الله عليه وسلم- كأي إنسان؟ إنه باعتراف مؤرخي الشرق والغرب أعظم شخصية عرفها التاريخ، وأعظم قائد ديني وسياسي، وأعدائه كانوا أكثر من أن يحصوا من اليهود والنصارى، والوثنيين والمجوس والمنافقين وكلهم حاول اغتياله والقضاء على دعوته المباركة، وكان الرسول العظيم- صلى الله عليه وسلم- يحرسه الصحبة من كيد الكافرين، فلما أنزل الله (( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )) (المائدة: 67).
قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (( أيها الناس انصرفوا عنا فقد حرسنا الله )).
فصرف الحراس في أشد مراحل الخطر والتهديد، فيا له من نبي يتوكل على ربه الحفيظ الذى هو على كل شيء وكيل.
أخيراً نوجه السؤال إلى عباد الصليب ونقول قد جاء في كتابكم" (( إِذَا ظَهَرَ بَيْنَكُمْ نَبِيٌّ أَوْ صَاحِبُ أَحْلاَمٍ، وَتَنَبَّأَ بِوُقُوعِ آيَةٍ أَوْ أُعْجُوبَةٍ. 2فَتَحَقَّقَتْ تِلْكَ الآيَةُ أَوِ الأُعْجُوبَةُ الَّتِي تَنَبَّأَ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: هَلُمَّ نَذْهَبْ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا وَنَعْبُدْهَا. 3فَلاَ تُصْغُوا إِلَى كَلاَمِ ذَلِكَ النَّبِيِّ أَوْ صَاحِبِ الأَحْلاَمِ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكُمْ يُجَرِّبُكُمْ لِيَرَى إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَهُ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ. . . .5أَمَّا ذَلِكَ النَّبِيُّ أَوِ الْحَالِمُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ ))" التثنية 13: 1-5" فكيف الحال وقد قتل المسيح كما تزعمون بعد بدء دعوته بعام ونصف أو ثلاثة أعوام فقط على أحد الأقوال، وبذلك يصدق فيه ذلك النص حرفياً، ومسألة قيام المسيح لم يشهدها أحد من اليهود (الذين كان يُفترض أن يٌقدم لهم الآية) حتى تحتجوا بها !!
| |
|
| |
| حول الرسول | |
|